وأما بحسب ظاهر المعاملة فلو كانت الجملة كالعبيد المتباينة أو الصيعان المتفرقة فظهور الكلام يقتضي الحمل على الوجه الثاني، لا الحمل على الإشاعة، ولا الكلي في المعين فيفسد البيع، لأن مع تفرق الأجزاء يمتنع الحمل على الكلي، لأن الكلي هو الذي لا يمتنع فرض صدقه على كثيرين، فيتوقف صدقه على شئ على خروج الخصوصيات الفردية عن المبيع. ومع تفرق الصيعان فكل صاع لا محالة يشتمل على خصوصية، وفرض إلغاء الخصوصيات وجعل المجموع صبرة واحدة لا يرفع ظهور البيع في تعلقه بالفرد المنتشر.
وهكذا يمتنع الحمل على الإشاعة، لأن عنوان المبيع في المشاع أيضا كلي، لأن التسع أو العشر ونحو ذلك ينطبق على التسع أو العشر من هذه الصبرة من طرف الشرق أو الغرب على أحد معاني الكسر المشاع، أو ينطبق على كل جزء من أجزاء الحنطة التي في هذه الصبرة، شرقا أو غربا، يمينا وشمالا، فوقا وتحتا على المعنى الآخر من الكسر المشاع.
وعلى أي حال، الكسر المشاع أيضا كلي كالكلي في المعين، بل الصاع من الصبرة على الإشاعة كلي من جهتين إذا لم يكن مقدار الصبرة معلوما:
الأولى: قابلية انطباقه على كل كسر.
والثانية: انطباق هذا الكسر على كل جهة من الجهات الست في الصبرة أو في الحنطة. وأما الكلي في المعين فكلي من جهة واحدة.
وأما لو كانت الجملة مجتمعة فباع صاعا منها فهل ينزل على الإشاعة، أو على الفرد المنتشر، أو على الكلي في المعين؟ وجوه ذكرها المصنف (قدس سره) في المتن.
وحاصل الوجه الأول: هو أن مقتضى المعنى العرفي أن يكون قوله: " صاعا " إشارة إلى مقدار من الصبرة مقدرا بصاع، فيلاحظ نسبة الصاع إلى الصبرة، وهذا هو الكسر المشاع، لأن المقدار المذكور من مجموع الصبرة مشاع فيه.
وفيه: أنه كما يمكن حمل الصاع على الإشاعة كذلك يمكن حمله على الكلي، بل ظهوره في الكلي هو المتعين، لأن الصاع اسم الجنس، ولحاظ نسبته إلى المجموع يتوقف على مؤنة زائدة.