بينهما، فإن إقرار المقر له أو مولاه في المقام بعبودية العبد لا أثر له، لأنه - على أي حال - لا يستقر في ملك الكافر، سواء كان حرا أم عبدا، فيسمع إقرار الكافر بحرية العبد وينعتق عليه ظاهرا، وهذا بخلاف ما إذا أقر المولى بحرية عبده وأقر العبد بعبوديته له.
ثم إن مما ذكرنا يظهر أن قوله (قدس سره): " فتأمل " إشارة إلى عدم العلم التفصيلي ببطلان الشراء، لا أن العلم الإجمالي في المقام لا أثر له.
وأما الثالث - وهو العتق بأمر الكافر - فأولى بالصحة من القسم الأول، لأن احتمال شمول النص لشراء من ينعتق عليه يجري في القسم الأول دون هذا القسم، وذلك لأن في مورد الشراء قد أنشأ الملكية باللفظ، فيمكن أن يقال: المنشأ إذا كان منهيا عنه فلازمه عدم تحققه، أي: فساد المعاملة، وأما قول الكافر: " أعتق عبدك عني " وقول المأمور: " أعتقته عنك " فليسا إنشاء للملكية صريحا، وإنما قلنا بحصولها آنا ما للجمع بين الأدلة، حيث إنها دلت على صحة استيفاء مال أو عمل محترم بأمر معاملي، ودلت على أنه " لا عتق إلا في ملك " فمقتضاها استطراق الملك من ملك المالك إلى ملك الآمر وخروجه عنه.
إلا أن يقال: إنه ليس الغرض من النهي إلا بيان عدم حصول النتيجة للكافر بأي سبب، سواء كان من الأسباب المتعارفة أم غيرها. ولكنه قد ظهر أن النص منصرف عن هذا النحو من الملك.
وعلى أي تقدير هذه الأقسام الثلاثة مستثناة من عدم تملك الكافر، كخروج تملكه بالإرث عن مورد النص.
أما الآية المباركة فواضح، لأنها تنفي السلطنة لا أصل التملك.
وأما الرواية فلأنها تنفي استقرار الملك، ولا تدل على خروجه عن ملكه قهرا حتى يقتضي عدم دخوله فيه رأسا، لا سيما إذا كان استطراقيا كشراء من ينعتق عليه، وأولى من ذلك كله استيفاء مال محترم بأمر معاملي يقتضي دخول المال في ملك المستوفي الكافر وخروجه عنه، فإن الملكية آنا ما للملازمة بين العتق والملك لا يندرج في قوله (عليه السلام): " لا تقروه عنده ".