وليس منشأ الفرق أن الشرط يوجب تقييد العقد المشروط به بخلاف الجزء، فإن بيع المجموع في قوة شرط انضمام كل جزء إلى آخر، ولذا قلنا بأن تخلفه الذي هو عبارة عن تبعض الصفقة على المشتري يوجب ثبوت الخيار له، بل للفرق بين الشرط الفاسد وشرط انضمام الجزء الفاسد، فإن الشرط الفاسد لا يملكه المشروط له، أي: لا يصير الشارط مالكا لالتزام الطرف، لأن نفس جعل هذا الالتزام على المشروط عليه باطل وفاسد مع قطع النظر عن الملتزم به، وهذا بخلاف شرط الانضمام، فإن نفس جعل هذا الالتزام ليس باطلا، بل الملتزم به لا يصح الالتزام به، لخروجه عن قابلية التملك، فيصير الاشتراط سببا لتملك المشروط له الشرط، ويصير فساد المشروط سببا لتحقق الخيار من باب تعذره شرعا.
وبعبارة أخرى: الشرط الضمني في المقام كالشرط المتعذر الذي لا يوجب تعذره إلا الخيار، بخلاف الشرط الفاسد فإنه ليس قابلا للملكية أصلا.
وأما الثاني فلأن الجهل بثمن المبيع وإن كان موجبا للفساد - إما للإجماع على اعتبار العلم به، وإما للغرر بمعنى الخطر المنهي عنه في الخبر المتلقى بالقبول بين الفريقين، وهو قوله (عليه السلام): " نهى النبي (صلى الله عليه وآله) عن الغرر " أو " عن بيع الغرر " (1) - إلا أن الثمن في المقام معلوم، فإنه وقع جميع الثمن بإزاء جميع المبيع، وعدم صحة البيع شرعا بالنسبة إلى بعض المبيع لا يقتضي عدم قصد المتعاملين مقابلة المجموع بالمجموع، ولا خطر أيضا لو جعل المجموع بإزاء المجموع، لأن البيع الغرري المنهي عنه هو ما كان في حد ذاته خطريا لا من جهة حكم الشارع بعدم وقوع بعض الثمن بإزاء بعض المبيع، بل قيل (2): بأنه لا يؤثر الغرر حال العقد إذا ارتفع بالتقسيط، أي: المدار في الصحة أن لا يكون البيع غرريا حين التسليم والتسلم، لا حين إنشاء البيع.