ثم إنه بعد الفراغ عن صحة الصورتين فهل تصحان مطلقا، أو مع الإجازة، أو تفصيل بينهما؟ والحق هو الأخير.
أما الصورة الأولى فتوقفها بقسميها على الإجازة واضح، لأنه باع عن المالك أو عن أبيه فلم يسند المعاملة إلى نفسه، فيتوقف وقوعها عن نفسه على الإجازة، حتى تستند إليه الذي هو المالك حقيقة. ومجرد الرضا بأصل التبديل لا يكفي في الطيب، والرضا المعتبر من المالك بعنوان أنه مالك، وذلك لأن مقتضى قوله عز من قائل:
* (إلا أن تكون تجارة عن تراض) *، وقوله (عليه السلام): " لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه " وإن كان كفاية رضا المالك وطيب نفسه ولو مع اعتقاده بأن المال لغيره، ولكن بمناسبة الحكم والموضوع يستفاد منهما أن ذات الرضا والطيب بما هو ليس موضوعا للحكم، فإن احترام ماله وتوقف التصرف فيه على إذنه يناسب أن يكون إذنه بما أنه مالك دخيلا في جواز التصرف.
ومعلوم أن الطيب بأصل التبديل ليس طيبا بالتبديل المالكي، كما أن العمد بأصل التكلم أو العمد بالأكل ليس عمدا بالتكلم في الصلاة أو الأكل في نهار شهر رمضان. فيتوقف شمول الدليل الدال على مانعية التكلم في الصلاة، أو مفطرية الأكل على العلم بأنه في الصلاة، وبأنه في نهار شهر رمضان، لأن الأحكام المترتبة على الأفعال بعناوينها الخاصة إنما تترتب عليها بعد صدورها مع قصد هذه العناوين، فالإذن في الأكل مع عدم العلم بأنه ماله والإذن في العتق مع عدم العلم بأنه عبده لا يوجب جواز التصرف للمأذون واقعا ونفوذه بحيث لا يتوقف على الإجازة اللاحقة. ومجرد كون المالك هو المباشر للعقد لا يكفي في صحته، فإنه وإن كان مستندا إليه وصادرا منه عن طيب، إلا أنه لا بعنوان كونه مالكا فيعتبر الإجازة اللاحقة حتى يستكشف الرضا المالكي وبما أنه ماله، كما يعتبر الإجازة من المكره حتى يصح ما صدر عنه كرها مع كون الفعل صادرا من نفسه.