وحاصل الثاني: أن أدلة اعتبار الرضا وطيب النفس دالة على اعتبار الرضا بنقل ماله من حيث إنه ماله، وهو لما لم يكن عالما بأنه ماله فالرضا بهذا النحو لم يحصل، تتوقف الصحة على الإجازة كتوقف عقد المكره عليها.
وهنا قول آخر (1): وهو اعتبار الإجازة في اللزوم دون الصحة. واستدلوا له بقاعدة نفي الضرر. وحاصل تقريبه: أن لزوم هذا النقل على المالك بحيث لا يتوقف على طيب نفسه بما أنه ماله ضرر عليه، فيكون له الخيار في الرد والإجازة. وأجاب عنه المصنف بما لا يخلو عن خفاء وإشكال.
وحاصل ما أورده على هذا القول: هو أن التمسك بقاعدة الضرر لإثبات الخيار وتوقف اللزوم على الإجازة إنما هو بعد الفراغ عن صحة العقد، والكلام الآن في صحته، لأن العقد ناقص من حيث الحدوث لا من حيث البقاء.
وبعبارة أخرى: الملاك الموجب لاعتبار الإجازة في عقد الفضولي هو الموجب لاعتبارها في عقد من باع ماله باعتقاد أنه لغيره، وهو الأدلة الدالة على اعتبار طيب نفس المالك في نفوذ التصرف في ماله، لا الأدلة الثانوية، كقاعدة الضرر الموجبة لثبوت الخيار للمتضرر: كخيار الغبن والعيب. نعم يصح التمسك بها في المقام أيضا، إلا أن مفادها اعتبار الإجازة في الصحة لا اللزوم، لأن انتقال ماله بدون اعتبار رضاه بما أنه ماله ضرر عليه فيرتفع، لا أن لزومه ضرر عليه بعد الفراغ عن صحته، كما في الضرر المترتب على لزوم البيع لأمر راجع إلى أحد العوضين.
ولكنك خبير بأنه لو اكتفى (قدس سره) في الجواب: بأن المقام ليس من مقام التمسك بالقاعدة الثانوية، لأن نفس الأدلة الأولية قاضية باعتبار الإجازة في انتقال المال لكان في محله. ولكنه حيث جعل الضابط في التمسك بقاعدة نفي الضرر كون الضرر مترتبا على لزوم البيع لأمر راجع إلى أحد العوضين - لا لأمر راجع إلى