ففي الحقيقة قصد النقل عن المالك - أي الحيثية - في المقام تقييدي والموضوع هو الأب المالك.
ولكنك خبير بأن الحيثية التقييدية لا يمكن الالتزام بها في الموضوعات الشخصية، لأن الفرد الخارجي غير قابل للتعدد فتقييده ممتنع، فالأب إذا كان هو الذي بيع عنه فهو ملحوظ بخصوصيته. وتوصيفه بأنه المالك حيثية تعليلية، والحيثية التعليلية لا أثر لها، لاتحاد المنشأ والمجاز.
وبالجملة: النزاع في أن الحيثية تقييدية أو تعليلية إنما هو في الأحكام الكلية المتعلقة بالعناوين، كتعلق الأمر بالصلاة والنهي بالغصب، فيقع النزاع في أن متعلق الحكمين هو المعنون والعنوان جهة تعليلية، أو نفس العنوان وتعلقه بالمعنون إنما هو لانطباق العنوان عليه، وأما لو تعلق حكم أو إشارة بشخص خاص مع اتصافه بعنوان، كوجوب إكرام زيد العالم أو الاقتداء بعمرو العادل فلا شبهة في أن الحيثية تعليلية. فإذا قصد نقل المال عن أبيه فلا يمكن أن يقال: إن المقصود هو النقل عن المالك ولو عنون أباه بالمالك.
نعم، أصل الإشكال غير وارد، لأن قصد نقل المال عن شخص معين مع إيقاع التبديل بين المعوض والعوض الشخصيين لا يضر بوقوع المعاملة عن مالكيهما، ولذا لو اشترى من شخص بتوهم أنه زيد فبان كونه عمرا تقع المعاملة بينه وبين عمرو.
وبالجملة: هذا الإشكال المختص بما إذا باع عن أبيه لا وقع له في العوض والمعوض الشخصيين.
وأما الإشكال المختص بما إذا باع لنفسه مع اعتقاده بأنه لغيره فهو التعليق في المعنى.
والجواب عنه: أن التعليق الواقعي لا يضر مع التنجيز في الصورة. هذا، مضافا إلى أنه لو كان هناك تعليق فهو في الحكم الشرعي لا في المنشأ، لا صورة - كما هو ظاهر - ولا معنى، لأن المعتقد بحياة أبيه لا يصدر البيع عنه لنفسه، إلا بفرض المال مال نفسه إما بالمشارفة، وإما بالادعاء ونحوه كالغاصب، وإلا يكون سفيها.