ثم لا يخفى أن في الصورتين من تعلق إجازة المالك بماله، وفي الصورتين من تعلق إجازته ببدل المال لا محل للترتب الطبعي، وإنما هو ترتب زماني. فلا ترتبط بما هو المهم من محل البحث من أن إجازة البيع الواقع على المال فسخ لما قبله، ومستلزم لصحة ما بعده، وإجازة البيع الواقع على البدل متوقف على إجازة ما قبله وغير متعرض لما بعده، وذلك لأن المجاز لو كان العقد المتعلق بالمال، فلو كان قبله وبعده واردين على مورده أو بعده وحده واردا على غير مورده لكان الأمر كما ذكره المصنف من أن إجازة الوسط إسقاط لما قبله وإجازة لما بعده، وأما لو كان القبل والبعد كلاهما واردين على غير مورده، أو خصوص ما قبله، كبيع الفرس بالدرهم الواقع قبل بيع العبد بالكتاب فإجازة العبد بالكتاب لا تستلزم فسخ بيع الفرس بالدرهم وإن استلزمت فسخ بيع العبد بالفرس، لأن صحة بيع الفرس بالدرهم تدور مدار إجازة مالكه وفسخه.
وهكذا لو كان بعد بيع العبد بالكتاب وقع عقد على غير مورد مال المالك، كبيع الدينار بالجارية. هذا حال تعلق الإجازة بمال المالك.
وأما لو تعلق ببدل المال فالعقد المجاز لو كان قبله وبعده واردين على مورد البدل، أو كان خصوص قبله كذلك فالأمر كما ذكره المصنف.
وأما لو كان كل منهما واردين على غير مورد البدل - أي على بدل البدل - أو خصوص ما قبله فأين التوقف؟ لأن الترتب الطبعي لا يتصور بين بدل البدل ونفس البدل، إلا أن يكون البيع واقعا أولا على البدل ثم على بدله، وأما لو كان واقعا أولا على بدل البدل ثم على البدل فهذا ليس إلا ترتبا زمانيا، كما إذا وقع البيع أولا على الدرهم برغيف ثم بيع الدينار بالجارية.
نعم، لو كان المراد من بدل البدل بدل المورد لا مطلق بدل بدل المالك فلا محالة العقد المجاز لو كان واردا على بدل المال فقبله هو الواقع على بدل مال المالك، كما لو أجاز بيع الدرهم بالرغيف الذي قبله بيع العبد بالفرس، والفرس بدل المورد، فإن الدرهم بدل الفرس، وبيع العبد بالفرس لا محالة يقع قبل بيع الدرهم