كما وصفه العلم، ما هو من خشب ولا قصب، ولا له رأس ولا ذنب، وهو يكتب على الدوام في قلوب البشر أصناف العلم، فشكر العلم وودعه، وسافر إلى حضرة القلم الإلهي، وقال له:
" أيها القلم! مالك تخط على الدوام في القلوب من العلوم ما تبعث به الإرادات إلى إنهاض القدرة وأشخاصها وصرفها المقدورات؟ ".
فقال له (القلم الإلهي): " أفنسيت ما رأيت في عالم الملك وسمعته من جواب القلم الآدمي حيث أحالك إلى اليد؟ فجوابي مثل جوابه، فإني مسخر تحت يد الله تعالى الملقبة ب (يمين الملك)، فاسأله عن شأني فإني في قبضته وهو الذي يرددني، وأنا مقهور مسخر، فلا فرق بين القلم الإلهي والقلم الآدمي في معنى التسخير، وإنما الفرق في ظاهر الصورة ".
فقال السائل: " من يمين الملك؟ ".
قال القلم: " أما سمعت قوله تعالى ":
والسماوات مطويات بيمينه؟ (34) ".
قال: " نعم! سمعته ".
قال: " والأقلام أيضا في قبضته وهو الذي يرددها ".
فسافر السائل من عند القلم إلى اليمين، حتى شاهده، ورأى من عجائبه ما يزيد على عجائب القلم، ورأى أنه يمين لا كالأيمان، ويد لا كالأيدي، وإصبع لا كالأصابع، فرأى القلم متحركا في قبضته، فسأله عن سبب تحريكه القلم.
فقال: " جوابي ما سمعته من اليمين التي رأيتها في عالم الشهادة، وهو الحوالة على القدرة، إذ اليد لا حكم لها في نفسها، وإنما محركها القدرة ".
فسافر إلى عالم القدرة ورأى فيها من العجائب ما استحقر لأجلها ما قبلها، فسألها عن سبب تحريكها اليمين.
فقالت: " إنما أنا صفة فاسأل القادر، إذ العهدة على الموصوف دون الصفة ".
وعند هذا كاد أن يزيغ قلب السائل، وينطلق بالجرأة لسان السؤال،