الحكمة للجهال ظلم عليها، ومنعها عن أهلها ظلم عليهم، كما ورد في الخبر (13).
(ومنها) أن يقول ما يعلم ويسكت عما لا يعلم حتى يرجع إليه ويعلمه، ولا يخبر المتعلمين ببيان خلاف الواقع. وهذا الشرط لا يختص بالمعلمين، بل يعم كل من تصدر عنه المسائل العلمية كالمفتي والقاضي وأمثالهما. وقال الباقر (ع): " حق الله على العباد أن يقولوا ما يعلمون ويقفوا عنه ما لا يعلمون " (14) وقال الصادق (ع): " إن الله تعالى خص عباده بآيتين من كتابه: ألا يقولوا حتى يعلموا ولا يردوا ما لم يعلموا، فقال:
" ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق " (15).
وقال: " بل كذبوا بما لم يحيطوا يعلمه ولما يأتهم تأويله " (16).
وعنه (ع): " إذا سئل الرجل منكم عما لا يعلم، فليقل: لا أدري، ولا يقل: الله أعلم، فيوقع في قلب صاحبه شكا. وإذا قال المسؤول: لا أدري، فلا يتهمه السائل " وعنه (ع): " إياك وخصلتين ففيهما هلك من هلك. إياك أن تفتى الناس برأيك، أو تدين بما لا تعلم ". وعن الباقر (ع):
" من أفتى الناس بغير علم ولا هدى لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، ولحقه وزر من عمل بفتياه ".
وربما كان لكل من المتعلم والمعلم آداب أخر تظهر لمن وقف على فن الأخلاق. ثم العارف بأهل زماننا يعلم أن آداب التعلم والتعليم كسائر الآداب والفضائل فيهم مهجورة، والأمر في مثل الزمان كما قال في وصفه بعض أهل العرفان: " قد فسد الزمان وأهله، وتصدى للتدريس من قل علمه وكثر جهله، فانحطت مرتبة العلم وأصحابه، واندرست مراسمه بين طلابه ".