كان في الأمم السابقة حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، ومعلوم أن الرجعة التي وقعت في تلك الأمم مرارا كثيرة جدا لم تكن بالبدن المثالي قطعا.
فهذا ما خطر بالبال واقتضاه الحال من الكلام في إثبات الرجعة، ودفع شبهاتها على ضعفها وعدم صراحتها في إبطال الرجعة، وقوة أحاديث الرجعة وأدلتها كما رأيت، فإنها وصلت إلى حد التواتر، بل تجاوزته بمراتب، فأوجبت القطع واليقين، بل كل حديث منها موجب لذلك، لكثرة القرائن القطعية من موافقة القرآن والأدلة والسنة النبوية وتعاضدها، وكثرتها، وصراحتها، واشتمالها على ضروب من التأكيدات، وموافقتها لإجماع الإمامية، وإطباق جميع الرواة والمحدثين على نقلها، ووجودها في جميع الكتب المعتمدة، والمصنفات المشهورة المذكورة سابقا وغيرها، وعدم وجود معارض صريح لها أصلا، وعدم احتمالها للتقية، واستحالة اتفاق رواتها على الكذب، ولعدم قول أحد من العامة المخالفين للإمامية بها، ولعدالة أكثر رواتها وجلالتهم، ولصحة طرق كثيرة من أحاديثها، ولكون أكثر رواتها من أصحاب الاجماع الذين اجتمعت الإمامية على تصحيح ما يصح عنهم، وتصديقهم وأقروا لهم بالعلم والفقه.
وللعلم القطعي بأن كثيرا من هذه الأحاديث كانت مروية في الأصول المجمع على صحتها، التي عرضت على الأئمة (عليهم السلام) فصححوها وأمروا بالعمل بها، ولكثرة تصانيف علماء الإمامية في إثبات الرجعة، ولم يبلغنا أن أحدا منهم صرح بردها وإنكارها، فضلا عن تأليف شئ في ذلك.
وإني مع قلة تتبعي لو أردت الآن لأضفت إلى أحاديث هذه الرسالة ما يزيد عليها في العدد، فتتضاعف الأحاديث، لأني لم أنقل من رسائل المتأخرين شيئا، مع أنه حضرني منها ثلاث رسائل، وفيما ذكرناه بل في بعضه كفاية إن شاء الله تعالى، فقد ذكرنا في هذه الرسالة من الأحاديث والآيات والأدلة ما يزيد على