صاحب (1) الأربعين ثلث شاة فيكون عليه شاة وثلث، وعلى الآخر ثلثا شاة. وإن أخذ المصدق من العشرين والمائة شاة واحدة رد صاحب الثمانين على صاحب (1) الأربعين ثلثي شاة، هكذا في النسخ، ونص المحكم ثلث شاة، فيكون عليه ثلثا شاة، وعلى الآخر ثلث شاة، قال: والوراط: الخديعة والغش.
أو الخلاط، بالكسر، في الصدقة، ولا يخفى أن قوله: أو الخلاط، ثم ضبطه بالكسر، وزيادة قيد في الصدقة كل ذلك غير محتاج إليه، وإنما هو تطويل في غير محله، وكان يكفي إذا قال: أو هو أن تجمع (2) بين متفرق، كأنه أشار به إلى قول الجوهري، حيث قال: وأما الحديث: " لا خلاط ولا وراط " فيقال: هو كقوله: " لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق، بين مجتمع خشية الصدقة " قال الأزهري: وتفسير ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب على من ملك أربعين شاة، فحال عليها الحول (3)، شاة، وكذلك إذا ملك أكثر منها إلى تمام مائة وعشرين ففيها شاة واحدة، فإذا زادت شاة واحدة على مائة وعشرين ففيها شاتان. وصورة الجمع بين المتفرق بأن يكون ثلاثة نفر مثلا ملكوا مائة وعشرين لكل واحد منهم أربعون شاة، ولم يكونوا خلطاء سنة كاملة، وقد وجب على كل واحد منهم شاة، فإذا صاروا خلطاء وجمعوها على راع واحد (4)، فعليهم شاة واحدة؛ لأنهم يصدقون إذا اختلطوا، وقال ابن الأثير: أما الجمع بين المتفرق فهو الخلاط، وذلك أن يكون ثلاثة نفر لكل واحد أربعون شاة، فقد وجب على كل واحد منهم شاة، [فإذا] (5) أظلهم المصدق جمعوها على راع واحد لكيلا يكون عليهم فيها إلا شاة واحدة. قال: وأما تفريق المجتمع: فأن يكون اثنان شريكان، ولكل واحد منهما مائة شاة وشاة، فيكون عليهما في ماليهما (6) ثلاث شياه، فإذا أظلهما المصدق فرقا غنمهما، فلم يكن على كل واحد إلا شاة واحدة. قال الشافعي: الخطاب في هذا للمصدق، ولرب المال، قال: والخشية خشيتان: خشية الساعي أن تقل الصدقة، وخشية رب المال أن يقل ماله، فأمر كل واحد منهما أن لا يحدث في المال شيئا من الجمع والتفريق. قال: هذا على مذهب الشافعي، إذ الخلطة مؤثرة عنده، ويكون معنى الحديث نفي الخلاط لنفي الأثر، كأنه يقول: لا أثر للخلطة في تقليل الزكاة وتكثيرها.
وفي الحديث أيضا: " وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية " قال الأزهري: ذكره أبو عبيد في غريب الحديث، ولم يفسره على وجهه، ثم جود تفسيره في كتاب الأموال، وفسره على نحو ما فسره الشافعي، قال الشافعي: الخليطان: الشريكان لم يقتسما الماشية، وتراجعهما بالسوية: أن يكونا خليطين في الإبل تجب فيها الغنم، فتوجد الإبل في يد أحدهما فتؤخذ منه صدقتها (7)، فيرجع على شريكه بالسوية، قال الشافعي: وقد يكون الخليطان: الرجلين يتخالطان بماشيتهما، وإن عرف كل واحد ماشيته، قال: ولا يكونان خليطين حتى يريحا ويسرحا ويسقيا معا، وتكون فحولهما مختلطة، فإذا كانا هكذا صدقا صدقة الواحد بكل حال. قال: وإن تفرقا في مراح أو سقي أو فحول فليسا خليطين، ويصدقان صدقة الاثنين. قال: ولا يكونان خليطين حتى يحول عليهما حول من يوم اختلطا، فإذا حال عليهما حول من يوم اختلطا زكيا زكاة الواحد. وقال ابن الأثير في تفسير هذا الحديث: الخليط: المخالط، ويريد به الشريك الذي يخلط ماله بمال شريكه. والتراجع بينهما هو أن يكون لأحدهما مثلا أربعون بقرة وللآخر ثلاثون بقرة، ومالهما مختلط، فيأخذ الساعي عن الأربعين مسنة، وعن الثلاثين تبيعا، فيرجع باذل المسنة بثلاثة أسباعها على شريكه، وباذل التبيع بأربعة أسباعه على الشريك، لأن كل واحد من السنين واجب على الشيوع، كأن المال ملك واحد. وفي قوله: بالسوية، دليل على أن الساعي إذا ظلم أحدهما فأخذ منه زيادة على فرضه، فإنه لا يرجع بها على شريكه، وإنما يضمن (8) له قيمة