قلن: قم فاصطبح، فيقول: لو نبهتنني لعادية: فلما رأين ذلك قال بعضهن لبعض: إن صاحبنا لشجاع، فتعالين حتى نجربه، فأتينه كما كن يأتينه فأيقظنه فقال: لو لعادية نبهتنني: فقلن: هذه نواصي الخيل. فجعل يقول الخيل الخيل. ويضرط حتى مات.
قال: وفيه قول آخر، قال أبو عبيدة: كانت دختنوس بنت لقيط بن زرارة تحت عمرو لن عمرو وكان شيخا أبرص، فوضع رأسه يوما في حجرها وهي تهمهم، إذ جخف (1) عمرو وسال لعابه، وهو بين النائم واليقظان فسمعها تؤفف، فقال: ما قلت؟ فحادت عن ذلك. فقال: أيسرك أن أفارقك؟ قالت: نعم، فطلقها، فنكحها رجل جميل جسيم من بني زرارة، وقال ابن حبيب: نكحها عمير بن عمارة ابن معبد بن زرارة، ثم إن بكر بن وائل أغاروا على بني دارم، وكان زوجها نائما ينخر، فنبهته وهي تظن أن فيه خيرا، فقالت (2): الغارة، فلم يزل الرجل يحبق حتى مات، فسمي المنزوف ضرطا. وأخذت دختنوس فأدركها الحي، فطلب عمرو [بن عمرو] (3) أن يردوا دختنوس فأبوا، فزعم بنو دارم أن عمرا قتل منهم ثلاثة رهط، وكان في السرعان فردوها إليه، فجعلها أمامه، فقال:
أي حليليك وجدت خيرا * أألعظيم فيشة وأيرا أم الذي يأتي العدو سيرا فردها إلى أهلها.
أو رجلان منهم خرجا في فلاة، فلاحت لهم شجرة، فقال أحدهما لرفيقه: أرى قوما قد رصدونا، فقال رفيقه: إنما هي عشرة، بضم العين، فظنه يقول: عشرة، بفتح العين، فجعل يقول: وما غناء اثنين عن عشرة، وضرط حتى نزف روحه. فسمي المنزوف ضرطا لذلك.
ويقال: هو مولى الأحزن (4) بن عوف العبدي، وذلك أنه ضرب حنيفة بن لجيم الأحزن المذكور فجذمه بالسيف فقيل له: جذيمة، وضرب الأحزن (5) حنيفة على رجله فحنفها، فقيل له: حنيفة، وكان اسمه أثالا، فلما رأى ما أصاب مولاه وقع عليه الضراط، فمات، فقال حنيفة: هذا هو المنزوف ضرطا، فذهبت مثلا، في قصة طويلة ذكرها الصاغاني في العباب.
أو هو، أي المنزوف ضرطا: دابة بين الكلب والذئب، إذا صيح بها وقع عليها الضراط من الجبن، نقله الصاغاني.
وفي المثل أيضا: " أودى العير إلا ضرطا "، يضرب للذليل وللشيخ أيضا، وهو منصوب على الاستثناء من غير جنس، كما في العباب.
قال: ويضرب أيضا لفساد الشيء حتى لا يبقى منه إلا ما لا ينتفع به، وذكر الجوهري المثل وقال في معناه: أي لم يبق من لده وقوته إلا هذا، أي الضراط.
ويقولون: الأخذ سريطى والقضاء ضريطى، مثال القبيطى، أي يسترط ما يأخذه من الدين فإذا تقاضاه صاحبه أضرط به، كما في الصحاح، وقد تقدم تفصيل لغاته في س ر ط.
* ومما يستدرك عليه:
كان يقال لعمرو بن هند: مضرط الحجارة، شدته وصرامته، نقله الجوهري، وفي الأساس: لهيبته.
ومن أمثالهم: " كانت منه كضرطة الأصم " إذا فعل فعلة لم يكن فعل قبلها ولا بعدها مثلها، وهو مثل في الندرة، نقله الصاغاني.
وضرط يضرط، كفرح، لغة في ضرط يضرط، كضرب، نقله شيخنا عن المصباح.
[ضرعمط]: الضرعمط، كقذعمل، والعين مهملة، أهمله الجوهري وصاحب اللسان. وقال ابن عباد: هو اللبن الخاثر.