ما يخصه من الواجب دون الزيادة. وفي التراجع دليل على أن الخلطة تصح مع تمييز أعيان الأموال عند من يقول به.
وفي حديث النبيذ: " نهى عن الخليطين أن ينبذا ". أي نهى أن يجمع بين صنفين: تمر وزبيب، أو عنب ورطب. قال الأزهري: وأما تفسير الخليطين الذي جاء في الأشربة، وما جاء في النهي عن شربه (1) فهو شراب يتخذ من التمر والبسر، أو العنب والزبيب، يريد: ما ينبذ من البسر التمر معا، أو من العنب والزبيب معا، ونحو ذلك مما ينبذ مختلطا، وإنما نهى عن ذلك لأنه يسرع إليه حينئذ التغير والإسكار للشدة والتخمير.
والنبيذ المعمول من خليطين ذهب قوم إلى تحريمه وإن لم يسكر، أخذا بظاهر الحديث، وبه قال مالك وأحمد وعامة المحدثين، قالوا: من شربه قبل حدوث الشدة فيه فهو آثم من جهة واحدة، ومن شربه بعد حدوثها فيه فهو آثم من جهتين: شرب الخليطين، وشرب المسكر. وغيرهم رخص فيه، وعللوا التحريم بالإسكار.
وبها أخلاط من الناس وخليط، كأمير، وخليطى، كسميهى ويخفف، وهذه عن ابن عباد، أي أوباش مجتمعون مختلطون، لا واحد لهن. وتقدم أن الخليط واحد وجمع، فإن كان واحدا فإنه يجمع على خلط وخلطاء، وإن كان جمعا فإنه لا واحد له. وفي بعض النسخ: أي ناس مختلطون، والأولى الصواب.
ويقال: وقعوا في خليطى، بتشديد اللام المفتوحة، نقله الجوهري، ويخفف، نقله الأزهري، أي اختلاط، وفي الصحاح أي اختلط عليهم أمرهم، وأنشد الأزهري لأعرابي:
وكنا خليطى في الجمال فراعني (2) * جمالي توالى ولها من جمالك ويقال: مالهم بينهم خليطى، كخليفى، أي مختلط، وذلك إذا خلطوا مال بعضهم ببعض.
والمخلط، كمنبر، ومحراب، من يخالط الأمور ويزايلها. وفي الصحاح والمحكم والعباب: هو مخلط مزيل: كما يقال: راتق فاتق. وأنشد ثعلب:
يلحن من ذي دأب شرواط * صات الحداء شظف مخلاط (3) كما في المحكم. وأنشد الصاغاني لأوس بن حجر:
وإن قال لي ماذا ترى يستشيرني * يجدني ابن عم مخلط الأمر مزيلا قال: وأما المخلاط: فالكثير المخالطة للناس، وأنشد رؤبة:
فبئس عض الخرف المخلاط * والوغل ذي النميمة المغلاط ومن المجاز: الخلط، بالفتح وككتف، وعنق، الثانية عن الليث، والأخيرة عن سيبويه وفسره السيرافي، وأما بالفتح فهو مصدر بمعنى الخالط، والذي حكاه ابن الأعرابي بالكسر وهو المختلط بالناس يكون المتحبب المتملق إليهم، ويكون من يلقي نساءه ومتاعه بين الناس، والأنثى من الثانية: خلطة، كفرحة. وأشد ابن الأعرابي (4):
* وأنت امرؤ خلط إذا هي أرسلت * وقد تقدم، يقول: أنت امرؤ متملق بالمقال، ضنين بالنوال، ويمينك: بدل من قوله: هي. وإن شئت جعلت هي كناية عن القصة، وهذا أجود من تفسير الخلط بالقدح، كما قدمناه، وفي كلام المصنف نظر، فتأمل.
ورجل خلط. سياقه يقتضي أنه بالفتح، والصواب كما نقله الصاغاني عن ابن الأعرابي: رجل خلط، ككتف، بين الخلاطة، بالفتح: أحمق قد خولط عقله، عن أبي العميثل الأعرابي، وهو مجاز، وقد تقدم في أول المادة الخلط بمعنى الأحمق، فإعادته ثانيا تكرار.
ومن المجاز: خالطه الداء خلاطا: خامره.