قريش ولسانها. قال: يا أمير المؤمنين علام تبايع ليزيد وتتركني؟ فوالله لتعلم أن أبي خير من أبيه، وأمي خير من أمه، وأنا خير منه، وأنك إنما نلت ما أنت فيه بأبي، فضحك معاوية وقال: يا بن أخي أما قولك: إن أباك خير من أبيه، فيوم من عثمان خير من معاوية، وأما قولك: إن أمك خير من أمه، ففضل قرشية على كلبية فضل بين، وأما أن أكون نلت ما أنا فيه بأبيك، فإنما هو الملك يؤتيه الله من يشاء، قتل أبوك رحمه الله، فتواكلته بنو العاصي، وقامت فيه بنو حرب، فنحن أعظم بذلك منة عليك، وأما أن تكون خيرا من يزيد، فوالله (1) ما أحب أن داري مملوءة رجالا مثلك بيزيد، لكن دعني من هذا القول، وسلني أعطك. فقال سعيد بن عثمان: يا أمير المؤمنين، لا يعدم يزيد مركبا ما دمت له، وما كنت لأرضى ببعض حقي دون بعض، فإذا أبيت فأعطني مما أعطاك الله. فقال معاوية: لك خراسان. قال سعيد: وما خراسان؟ قال: إنها لك طعمة وصلة رحم، فخرج راضيا، وهو يقول:
ذكرت أمير المؤمنين وفضله * فقلت جزاه الله خيرا بما وصل وقد سبقت مني إليه بوادر * من القول فيه آفة العقل والزلل فعاد أمير المؤمنين بفضله * وقد كان فيه قبل عودته ميل وقال خراسان لك اليوم طعمة * فجوزي أمير المؤمنين بما فعل فلو كان عثمان الغداة مكانه * لما نالني من ملكه فوق ما بذل فلما انتهى قوله إلى معاوية، أمر يزيد أن يزوده، وأمر إليه بخلعة، وشيعه فرسخا.
قدوم أبي الطفيل على معاوية قال: وذكروا أنه لم يكن أحد أحب إلى معاوية أن يلقاه من أبي الطفيل الكناني، وهو عامر بن واثلة، وكان فارس أهل صفين، وشاعرهم، وكان من أخص الناس بعلي كرم الله وجهه، فقدم أبو الطفيل الشام يزور ابن أخ له من رجال معاوية، فأخبر معاوية بقدومه، فأرسل إليه، فأتاه وهو شيخ كبير، فلما دخل عليه، قال له معاوية: أنت أبو الطفيل عامر بن واثلة؟ قال: نعم. قال