فدفن في ثنية المشلل (1)، فلما تفرق القوم عنه، أتته أم ولد ليزيد بن عبد الله بن زمعة، وكانت من وراء العسكر تترقب موته، فنبشت عنه، فلما انتهت إلى لحده، وجدت أسود من الأساود منطويا في رقبته، فاتحا فاه، فتهيبته. ثم لم تزل به حتى تنحى لها عنه فصلبته على المشلل. قال الضحاك: فحدثني من رآه مصلوبا يرمى كما يرمى قبر أبي رغال (2).
فضائل قتلى أهل الحرة رحمهم الله تعالى قال: وذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في سفر من أسفاره فلما مر بحرة بني زهرة، وقف فاسترجع.. فقالوا: ما هو يا رسول الله؟
قال: يقتل في هذه الحرة خيار أمتي بعد أصحابي (3). قال: وذكروا أن عبد الله بن سلام وقف بالحرة زمان معاوية بن أبي سفيان، فقال: أجد في كتاب يهود الذي لم يبدل ولم يغير، أنه يكون هاهنا مقتلة قوم يحشرون يوم القيامة واضعي سيوفهم على رقابهم، حتى يأتوا الرحمن تبارك وتعالى، فيقفون بين يديه، فيقولون: قتلنا فيك. قال: وذكروا عن داود بن الحصين قال: عندنا قبور قوم من قتلى الحرة، فقل ما حركت إلا فاح منها ريح المسك. وقال بعضهم: عن عبد الله بن أبي سفيان عن أبيه قال: رأيت عبد الله بن حنظلة في منامي بأحسن صورة، معه لؤلؤة، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، أقتلت؟ قال: بلى، فلقيت ربي، فأدخلني الجنة، فأنا أسرح في ثمارها حيث شئت، قلت: فأصحابك ما صنع بهم؟ قال: هم معي، وحول لوائي هذا الذي ترى لم تحل عقدته بعد. وقال ابن سيرين رحمه الله تعالى: رأيت كثير بن أفلح رضي الله عنه في النوم، فقلت له: ألست قد استشهدت؟ قال: ليس في الإسلام شهادة، ولكنها الندباء. وقال