ورؤوس العرب، وقد كان من نقض طلحة والزبير بعد بيعتهما وخروجهما بعائشة ما بلغكم، وتعلمون أن وهن النساء وضعف رأيهن إلى التلاشي، ومن أجل ذلك جعل الله الرجال قوامين على النساء، وأيم الله لو لم ينصره منكم أحد لرجوت أن يكون فيمن أقبل معه من المهاجرين والأنصار كفاية، فانصروا الله ينصركم.
ثم قام عمار بن ياسر فقال: يا أهل الكوفة، إن كان غاب عنكم أنباؤنا فقد انتهت إليكم أمورنا، إن قتلة عثمان لا يعتذرون من قتله إلى الناس، ولا ينكرون ذلك، وقد جعلوا كتاب الله بينهم وبين محاجيهم، فبه أحيا الله من أحيا، وأمات من أمات. وإن طلحة والزبير كانا أول من طعن، وآخر من أمر، وكانا أول من بايع عليا، فلما أخطأهما ما أملاه نكثا بيعتهما، من غير حدث. وهذا ابن بنت رسول الله الحسن قد عرفتموه. وقد جاء يستنفركم، وقد أظلكم علي في المهاجرين والبدريين والأنصار الذين تبوءوا الدار والإيمان. فانصروا الله ينصركم.
ثم قام قيس بن سعد، فقال: أيها الناس، إن الأمر لو استقبل به أهل الشورى كان علي أحق بها، وكان قتال من أبى ذلك حلالا، فكيف والحجة على طلحة والزبير، وقد بايعاه رغبة، وخالفاه حسدا، وقد جاءكم المهاجرون والأنصار.
دخول طلحة والزبير وعائشة البصرة قال: وذكروا أنه لما نزل طلحة والزبير وعائشة البصرة، اصطف لها الناس في الطريق، يقولون: يا أم المؤمنين، ما الذي أخرجك من بيتك؟ فلما أكثروا عليها تكلمت بلسان طلق، وكانت من أبلغ الناس، فحمدت الله، وأثنت عليه، ثم قالت:
خطبة عائشة رضي الله عنها أيها الناس، والله ما بلغ من ذنب عثمان أن يستحل دمه، ولقد قتل مظلوما، غضبنا لكم من السوط والعصا، ولا نغضب لعثمان من القتل، وإن من الرأي أن تنظروا إلى قتلة عثمان، فيقتلوا به، ثم يرد هذا الأمر شورى، على ما جعله عمر بن الخطاب.
فمن قائل يقول: صدقت، وآخر يقول: كذبت، فلم يبرح الناس يقولون