جوابه قال: وذكروا أن محمد بن مسلمة كتب إليه: أما بعد، فقد اعتزل هذا الأمر من ليس في يده من رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الذي في يدي، وقد أخبرت بالذي هو كائن قبل أن يكون، فلما كان كسرت سيفي، ولزمت بيتي (1)، واتهمت الرأي على الدين، إذ لم يصح لي معروف آمر به، ولا منكر أنهى عنه، ولعمري يا معاوية ما طلبت إلا الدنيا، ولا اتبعت إلا الهوى، ولئن كنت نصرت عثمان ميتا، لقد خذلته حيا، ونحن ومن قبلنا من المهاجرين والأنصار أولى بالصواب.
قال: فلما أجاب القوم بما أجابوه، من الخلاف إلى ما دعاهم إليه قال له عمرو: كيف رأيت يا معاوية رأيي ورأيك، أخبرتك بالأمر قبل أن يقع، قال معاوية: رجوت ما خفت.
كتاب معاوية إلى علي رضي الله عنه قال: وذكروا أن معاوية كتب إلى علي. أما بعد، فلعمري لو بايعك القوم الذين بايعوك وأنت برئ من دم عثمان، كنت كأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، ولكنك أغريت بعثمان المهاجرين، وخذلت عنه الأنصار، فأطاعك الجاهل، وقوي بك الضعيف، وقد أبي أهل الشام إلا قتالك، حتى تدفع إليهم قتلة عثمان، فإذا دفعتهم كانت شورى بين المسلمين، وقد كان أهل الحجاز الحكام على الناس وفي أيديهم الحق، فلما تركوه صار الحق في أيدي أهل الشام، ولعمري ما حجتك على أهل الشام كحجتك على أهل البصرة، ولا حجتك على طلحة والزبير، لأن أهل البصرة بايعوك (2)، ولم يبايعك أحد من أهل الشام، وإن طلحة والزبير بايعاك ولم أبايعك. وأما فضلك في الإسلام، وقرابتك من النبي عليه الصلاة والسلام، فلعمري ما أدفعه ولا أنكره (3).