رجلان: طلحة والزبير. وأبرأ الناس منه علي بن أبي طالب، ثم تهافت الناس على علي بالبيعة تهافت الفراش، حتى ضلت النعل، وسقط الرداء، ووطئ الشيخ. ولم يذكر عثمان، ولم يذكروه، ثم تهيأ للمسير، فخف معه المهاجرون والأنصار، وكره القتال معه ثلاثة نفر: عبد الله بن عمر، وسعد بن أبي وقاص، ومحمد بن مسلمة، فلم يستكره أحدا، واستغنى بمن خف عمن ثقل، ثم سار حتى انتهى إلى جبل طئ، فأتاه منهم جماعة عظيمة، حتى إذا كان في بعض الطريق أتاه مسير طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة، فسرح رسله إلى الكوفة، فأجابوا دعوته، ثم قدمها، فحملوا إليه الصبي ودبت (1) إليه العجوز، وخرجت إليه العروس، فرحا به وسرورا وشوقا إليه (2)، ثم سار إلى البصرة، فبرز إليه القوم، طلحة والزبير وأصحابهما، فلم يلبثوا إلا يسيرا، حتى صرعهم الله، وأبرزهم إلى مضاجعهم، ثم صارت البصرة وما حولها في كفة، قال: وتركته وليس له هم إلا أنت والشام. فانكسر معاوية لقوله، وقال: والله ما أظنه إلا عينا لعلي، أخرجوه لا يفسد أهل الشام. ثم قال معاوية: وكيف لا يضيع عثمان ويقتل وقد خذله أهل ثقاته، وأجمعوا عليه؟ أما والله لئن بقينا لهم لندرسنهم (3) درس الجمال هشيم اليبيس (4).
استعمال علي عبد الله بن عباس على البصرة قال: وذكروا أن عليا لما صار من البصرة بعد فراغه من أصحاب الجمل، استعمل عليها عبد الله بن عباس (5)، وقال له: أوصيك بتقوى الله عز وجل، والعدل على من ولاك الله أمره، اتسع للناس بوجهك وعلمك وحكمك، إياك والإحن، فإنها تميت القلب والحق، واعلم أن ما قربك من الله بعدك من النار، وما قربك من النار بعدك من الله. اذكر الله كثيرا ولا تكن من الغافلين.