أن أوجه عيالي معك. فقال ابن عمر: إني لا أقدر على مصاحبة النساء. قال:
فتجعلهم في منزلك مع حرمك. قال: لا آمن أن يدخل على حريمي من أجل مكانكم. فكلم مروان علي بن الحسين، فقال: نعم، فضمهم علي إليه، وبعث بهم مع عياله، قال: ثم ارتحل القوم من ذي خشب على أقبح إخراج يكون، وإسراع خوفا منهم أن يبدو للقوم في حبسهم، وجعل مروان يقول لابنه عبد الملك: يا بني إن هؤلاء القوم لم يدروا ولم يستشيروا، فقال ابنه: وكيف ذلك؟ قال: إذ لم يقتلونا أو يحبسونا، فإن بعثوا إلينا بعثا كنا في أيديهم، وما أخوفني أن يفطنوا لهذا الأمر فيبعثوا في طلبنا فالوحى الوحي والنجاء النجاء (1).
إرسال يزيد الجيوش إليهم قال: فلما أجمع رأي يزيد على إرسال الجيوش، صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد يا أهل الشام، فإن أهل المدينة أخرجوا قومنا منها، والله لأن تقع الخضراء على الغبراء (2) أحب إلي من ذلك. وكان معاوية قد أوصى يزيد فقال له: إن رابك منهم ريب، أو انتقض عليك منهم أحد، فعليك بأعور بني مرة مسلم بن عقبة، فدعا به فقال: سر إلى هذه المدينة بهذه الجيوش (3)، وإن شئت أعفيتك، فإني أراك مدنفا منهوكا. فقال: نشدتك الله، أن لا تحرمني أجرا ساقه الله إلي، أو تبعث غيري، فإني رأيت في النوم شجرة غرقد تصيح أغصانها: يا ثارات عثمان، فأقبلت إليها، وجعلت الشجرة تقول:
إلي يا مسلم بن عقبة، فأتيت فأخذتها، فعبرت ذلك أن أكون أنا القائم بأمر عثمان، ووالله ما صنعوا الذي صنعوا إلا أن الله أراد بهم الهلاك. فقال يزيد:
فسر على بركة الله، فأنت صاحبهم، فخرج مسلم فعسكر وعرض الأجناد، فلم يخرج معه أصغر من ابن عشرين، ولا أكبر من ابن خمسين على خيل عراب، وسلاح شاك، وأداة كاملة، ووجه معه عشرة آلاف بعير تحمل الزاد حتى خرج،