إلى ما خرجا إليه. فقال ابن الزبير. أتريد أن تبايع ليزيد؟ أرأيت إن بايعناه أيكما نطيع، أنطيعك أم نطيعه؟ إن كنت مللت الخلافة فاخرج منها وبايع ليزيد، فنحن نبايعه، فكثر كلامه وكلام ابن الزبير، حتى قال له معاوية في بعض كلامه: والله ما أرك إلا قاتلا نفسك، ولكأني بك قد تخبطت في الحبالة. ثم أمرهم بالانصراف، واحتجب عن الناس ثلاثة أيام لا يخرج.
ثم خرج، فأمر المنادي أن ينادي في الناس، أن يجتمعوا لأمر جامع فاجتمع الناس في المسجد، وقعد هؤلاء حول المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه.
ثم ذكر يزيد وفضله، وقراءته القرآن، ثم قال: يا أهل المدينة، لقد هممت ببيعة يزيد، وما تركت قرية ولا مدرة (1) إلا بعثت إليها في بيعته، فبايع الناس جميعا، وسلموا، وأخرت المدينة بيعته، وقلت بيضته وأصله (2)، ومن لا أخافهم عليه وكان الذين أبوا البيعة منهم من كانوا أجدر أن يصله، ووالله لو علمت مكان أحد هو خير للمسلمين من يزيد لبايعت له، فقام الحسين فقال: والله لقد تركت من هو خير منه أبا وأما ونفسا، فقال معاوية: كأنك تريد نفسك؟ فقال الحسين:
نعم، أصلحك الله. فقال معاوية: إذا أخبرك، أما قولك: خير منه أما، فلعمري: أمك خير من أمه، ولو لم تكن إلا أنها امرأة من قريش لكان لنساء قريش فضلهن، فكيف وهي ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ثم فاطمة في دينها وسابقتها، فأمك لعمر الله خير من أمه، وأما أبوك فقد حاكم أباه إلى الله، فقضى لأبيه على أبيك. فقال الحسين: حسبك جهلك، آثرت العاجل على الآجل. فقال معاوية: أما ما ذكرت من أنك خير من يزيد نفسا فيزيد والله خير لأمة محمد منك. فقال الحسين: هذا هو الإفك والزور، يزيد شارب الخمر، ومشتري اللهو خير مني؟ فقال معاوية: مهلا عن شتم ابن عمك، فإنك لو ذكرت عنده بسوء لم يشتمك (3). ثم التفت معاوية إلى الناس وقال: أيها الناس، قد علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض، ولم يستخلف أحدا، فرأى المسلمون أن يستخلفوا أبا بكر، وكانت بيعة هدى، فعمل بكتاب الله وسنة نبيه، فلما حضرته الوفاة، رأى أن يستخلف عمر، فعمل عمر