خلوا عن الماء. فقال أبو الأعور: أما والله قبل أن تأخذنا وإياكم السيوف فلا.
فقال الأشعث: أظنها والله قد دنت منا ومنكم. قال: وبعث الأشعث إلى الأشتر أن أقحم الخيل، فأقحمها الأشتر، حتى وضع سنابكها في الفرات، وحمل الأشتر في الرجالة، فأخذت القوم السيوف فانكشف أبو الأعور وأصحابه، وبعث الأشتر إلى علي: هلم يا أمير المؤمنين، قد غلب الله لك على الماء، فلما غلب أهل العراق على الماء، شمت عمرو بن العاص بمعاوية، وقال: يا معاوية، ما ظنك إن منعك علي الماء اليوم كما منعته أمس؟ أتراك ضاربهم كما ضربوك؟ فقال:
دع ما مضى عنك فإن عليا لا يستحل منك ما استحللت منه، وإن الذي جاء له غير الماء (1).
دعاء علي معاوية إلى البراز قال: وذكروا أن الناس مكثوا بصفين أربعين ليلة: يغدون إلى القتال ويروحون، فأما القتال الذي كان فيه الفناء فثلاثة أيام (2). فلما رأى علي كثرة القتال والقتل في الناس، برز يوما من الأيام ومعاوية فوق التل، فنادى بأعلى صوته: يا معاوية فأجابه فقال: ما تشاء يا أبا الحسن؟ قال علي: علام يقتتل الناس ويذهبون؟ على ملك إن نلته كان لك دونهم؟ وإن نلته أنا كان لي دونهم؟
أبرز إلي ودع الناس، فيكون الأمر لمن غلب. قال عمرو بن العاص: أنصفك الرجل يا معاوية. فضحك معاوية وقال: طمعت فيها يا عمرو (3)، فقال عمرو:
والله ما أراه يجمل بك إلا أن تبارزه. فقال معاوية: ما أراك إلا مازحا، نلقاه بجمعنا.