أعقابهم، وول أمر أمة محمد خيرهم. فخرجوا من عنده، وتوفي رحمه الله تعالى من يومه ذلك، ودفن وصلى عليه صهيب.
ذكر الشورى وبيعة عثمان بن عفان رضي الله عنه ثم إنه بعد موت عمر اجتمع القوم فحلوا في بيت أحدهم (1)، وأحضروا عبد الله بن عباس، والحسن بن علي، وعبد الله بن عمر، فتشاوروا ثلاثة أيام، فلم يبرموا فتيلا، فلما كان في اليوم الثالث قال لهم عبد الرحمن بن عوف.
أتدرون أي يوم هذا؟ هذا يوم عزم عليكم صاحبكم أن لا تتفرقوا فيه حتى تستخلفوا أحدكم، قالوا: أجل. قال: فإني عارض عليكم أمرا، قالوا: وما تعرض؟ قال: أن تولوني أمركم، وأهب لكم نصيبي فيها، وأختار لكم من أنفسكم، قالوا: قد أعطيناك الذي سألت، فلما سلم القوم قال لهم عبد الرحمن اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم، فجعل الزبير أمره إلى علي، وجعل طلحة أمره إلى عثمان، وجعل سعد أمره إلى عبد الرحمن بن عوف.
قال المسور بن مخرمة: فقال لهم عبد الرحمن: كونوا مكانكم حتى آتيكم. وخرج يتلقى الناس في أنقاب المدينة متلثما لا يعرفه أحد، فما ترك أحدا من المهاجرين والأنصار وغيرهم من ضعفاء الناس ورعاعهم إلا سألهم واستشارهم. أما أهل الرأي فأتاهم مستشيرا، وتلقى غيرهم سائلا، يقول: من ترى الخليفة بعد عمر؟ فلم يلق أحدا يستشيره ولا يسأله إلا ويقول عثمان، فلما رأى اتفاق الناس واجتماعهم على عثمان. قال المسور: جاءني رضي الله عنه عشاء، فوجدني نائما فخرجت إليه فقال: ألا أراك نائما، فوالله ما اكتحلت عيني بنوم منذ هذه الثلاثة، ادع لي فلانا وفلانا (2) (نفرا من المهاجرين) فدعوتهم له، فناجاهم في المسجد طويلا، ثم قاموا من عنده، فخرجوا. ثم دعا عليا فناجاه طويلا ثم قام من عنده على طمع (3)، ثم قال: ادع لي عثمان، فدعوته، فناجاه طويلا حتى فرق بينهما أن آنت صلاة الصبح، فلما صلوا جمعهم، فأخذ على