والله ما لكما مع كتاب الله إيراد ولا صدر. فقال أبو موسى: كفوا عنا فإنا إنما نقول فيما بقي، ولسنا نقول فيما مضى.
ما قال عمرو لأبي موسى قال: وذكروا أن عمرا غدا على أبي موسى، فقال: يا أبا موسى، قد عرفت حال معاوية في قريش، وشرفه في بني عبد مناف، وأنه ابن هند، وابن أبي سفيان، فما ترى؟ فقال أبو موسى: أما معاوية فليس بأشرف في قريش من علي، ولو كان هذا الأمر على شرف الجاهلية، كان أخوال ذي أصبح (1)، ولكنني أرى وترى، وباعده أبو موسى، ثم غدا عليه عمرو، فقال: يا أبا موسى إن قال قائل: إن معاوية من الطلقاء، وأبوه رأس الأحزاب، لم يبايعه المهاجرون والأنصار فقد صدق، وإذا قال إن عليا آوى قتلة عثمان، وقتل أنصاره يوم الجمل، وبرز على أهل الشام بصفين فقد صدق، وفينا وفيكم بقية، وإن عادت الحرب ذهب ما بقي، فهل لك إن تخلعهما جميعا، وتجعل الأمر لعبد الله بن عمر، فقد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يبسط في هذه الحرب يدا ولا لسانا، وقد علمت من هو مع فضله وزهده وورعه وعلمه، فقال أبو موسى: جزاك الله بنصيحتك خيرا، وكان أبو موسى لا يعدل بعبد الله بن عمر أحدا، لمكانه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومكانه من أبيه، لفضل عبد الله في نفسه، وافترقا على هذا الأمر، واجتمع رأيهما على ذلك (2). ثم إن عمرا غدا على أبي موسى بالغد، وجماعة الشهود، فقال: يا أبا موسى، ناشدتك الله تعالى، من أحق بهذا الأمر؟ من أوفى، أو من غدر؟ قال أبو موسى: من أوفى. قال عمرو: يا أبا موسى، نشدتك الله تعالى، ما تقول في عثمان؟ قال أبو موسى: قتل مظلوما. قال عمرو: فما الحكم فيمن قتل؟ قال أبو موسى: يقتل بكتاب الله تعالى. قال: فمن يقتله؟ قال: أولياء عثمان. قال: فإن الله يقول في