له ابن عباس: فإن يك ذاك يا أمير المؤمنين، فجزاك الله عنا خيرا، أليس قد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعز الله بك الدين والمسلمون محبسون بمكة؟ (1) فلما أسلمت كان إسلامك عزا أعز الله به الإسلام، وظهر النبي وأصحابه، ثم هاجرت إلى المدينة، فكانت هجرتك فتحا، ثم لم تغب عن مشهد شهده رسول الله من قتال المشركين، وقال فيك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم كذا وكذا، ثم قبض رسول الله وهو عنك راض، ثم ارتد الناس بعد رسول الله عن الإسلام، فوازرت الخليفة على منهاج رسول الله، وضربتم من أدبر بمن أقبل، حتى دخل الناس في الإسلام طوعا وكرها، ثم قبض الخليفة وهو عنك راض، ثم وليت بخير على ما يلي أحد من الناس. مصر الله بك الأمصار، وجبى بك الأموال، ونفى بك العدو، وأدخل الله على أهل كل بيت من المسلمين توسعة في دينهم، وتوسعة في أرزاقهم، ثم ختم الله لك بالشهادة، فهنيئا لك، فصب الله الثناء عليك صبا، فقال: أتشهد لي بهذا يا عبد الله عند الله يوم القيامة؟ قال: نعم، فقال عمر: اللهم لك الحمد.
تولية عمر بن الخطاب الستة الشورى وعهده إليهم قال (2): ثم إن المهاجرين دخلوا على عمر رضي الله عنه وهو في البيت من جراحه تلك، فقالوا: يا أمير المؤمنين، استخلف علينا، قال: والله لا أحملكم حيا وميتا، ثم قال: إن استخلفت فقد استخلف من هو خير مني، يعني أبا بكر، وإن أدع فقد ودع من هو خير مني يعني النبي عليه الصلاة والسلام، فقالوا:
جزاك الله خيرا يا أمير المؤمنين، فقال: ما شاء الله راغبا، وددت أن أنجو منها لا لي ولا علي.
فلما أحس بالموت قال لابنه: اذهب إلى عائشة، واقرئها مني السلام واستأذنها أن أقبر في بيتها مع رسول الله ومع أبي بكر، فأتاها عبد الله بن عمر،