طوال حداد، يحملها فتية أنجاد. ثم قال لابنه عبد الله: عليك بحزبك (1)، أما أنا فراجع إلى بيتي. فقال له ابنه عبد الله: الآن حين التقت حلقتا البطان (2)، واجتمعت الفئتان؟ والله لا نغسل رؤوسنا منها، فقال الزبير لابنه: لا تعد هذا مني جبنا، فوالله ما فارقت أحدا في جاهلية ولا إسلام، قال: فما يردك؟ قال:
يردني ما إن علمته كسرك. فقام بأمر الناس عبد الله بن الزبير (3).
قتل الزبير بن العوام قال: وذكروا أن الزبير لما انصرف راجعا إلى المدينة أتاه ابن جرموز، فنزل به (4)، فقال: يا أبا عبد الله، أحييت حربا ظالما أو مظلوما ثم تنصرف؟
أتائب أنت أم عاجز؟ فسكت عنه، ثم عاود، فقال له: يا أبا عبد الله، حدثني عن خصال خمس أسألك عنها. فقال: هات. قال: خذلك عثمان، وبيعتك عليا، وإخراجك أم المؤمنين. وصلاتك خلف ابنك، ورجوعك عن الحرب. فقال الزبير: نعم أخبرك، أما خذ لي عثمان فأمر قدر الله فيه الخطيئة وأخر التوبة. وأما بيعتي عليا فوالله ما وجدت من ذلك بدا، حيث بايعه المهاجرون والأنصار وخشيت القتل، وأما إخراجنا أمنا عائشة فأردنا أمر وأراد الله غيره، وأما صلاتي خلف ابني فإنما قدمته عائشة أم المؤمنين ولم يكن لي دون صاحبي أمر، وأما رجوعي عن هذه الحرب فظن بي ما شئت غير الجبن. فقال ابن جرموز: والهفاه على ابن صفية، أضرمها نارا ثم أراد أن يلحق بأهله، قتلني الله إن لم أقتله، ثم أتاه فقال له: يا أبا عبد الله كالمستنصح له، إن دون أهلك فيافي، فخذ نجيبي هذا، وخل فرسك ودرعك، فإنهما شاهدتان عليك بما تكره. فقال الزبير: أنظر في ذلك ليلتي، ثم ألح عليه في فرسه ودرعه فلم يزل حتى أخذهما منه، وإنما أراد ابن جرموز أن يلقاه حاسرا، لما علم بأسه، ثم أتى ابن جرموز الأحنف بن