عمرو: ما أخطأت ما في نفسي، فما ترى يا وردان؟ فقال: أرى أن تقيم في منزلك، فإن ظهر أهل الدين عشت في عفو دينهم، وإن ظهر أهل الدنيا لم يستغنوا عنك، فقال عمرو: الآن حين شهرتني العرب بمسيري إلى معاوية؟
قدوم عمرو إلى معاوية قال: وذكروا أن عمرو بن العاص لما قدم إلى معاوية، وعرف حاجته إليه باعده من نفسه، وكايد كل واحد منهما صاحبه، فقال عمرو لمعاوية: أعطني مصر، فتلكأ معاوية وقال: ألم تعلم أن مصر كالشام؟ قال بلى ولكنها إنما تكون لي إذا كانت لك، وإنما تكون لك إذا غلبت عليا على العراق. وقد بعث أهلها بطاعتهم إلى علي. فدخل عتبة بن أبي سفيان على معاوية، فقال: أما ترضى أن تشتري عمرا بمصر إن هي صفت لك؟ ليتك لا تغلب على الشام.
فلما سمع معاوية قول عتبة بعث إلى عمرو، فأعطاه مصر، ولما كتب معاوية لعمرو بمصر، كتب في أسفل الكتاب: ولا ينقض شرط طاعة. وكتب عمرو، ولا تنقض طاعة شرطا، وكايد كل واحد منهما صاحبه، وكان مع عمرو بن العاص ابن أخ له، جاءه من مصر، فلما جاء عمرو بالكتاب مسرورا به، عجب ابن أخيه من سروره، فقال: يا عمرو ألا تخبرني بأي رأي تعيش في قريش وقد أعطيت دينك غيرك؟ أترى أهل مصر وهم قتلة عثمان يدفعونها إلى معاوية وعلي حي؟ أو تراها إن صارت إلى معاوية لا يأخذك بالجدل الذي قدمه؟ فقال عمرو:
يا بن أخي، إنه لأمر الله دون معاوية وعلي. يا بن أخي لو كنت مع علي وسعني بيتي، ولكني مع معاوية. فقال الفتى: إنك لم ترد معاوية، ولكنك تريد دنياه، ويريد دينك. فبلغ معاوية قول الفتى فطلبه فهرب، فلحق بعلي، وحدث عليا بأمر معاوية وعمرو، وما قاله، فسر علي بذلك، وقربه.
مشورة معاوية عمرا رضي الله عنهما قال: وذكروا أن معاوية قال لعمرو: يا أبا عبد الله، طرقتني في ليلتي (1) هذه ثلاثة أخبار، ليس فيها ورد ولا صدر، منها أن ابن أبي حذيفة كسر سجن