اللهم لا. قال طلحة: فاعتزل هذا الأمر، ونجعله شورى بين المسلمين، فإن رضوا بك دخلت فيما دخل فيه الناس، وإن رضوا غيرك كنت رجلا من المسلمين. قال علي: أو لم تبايعني يا أبا محمد طائعا غير مكره؟ فما كنت لأترك بيعتي. قال طلحة: بايعتك والسيف في عنقي. قال: ألم تعلم أني ما أكرهت أحدا على البيعة، ولو كنت مكرها أحدا لأكرهت سعدا وابن عمر ومحمد بن مسلمة، أبوا البيعة، واعتزلوا، فتركتهم. قال طلحة: كنا في الشورى ستة، فمات اثنان وقد كرهناك، ونحن ثلاثة، قال علي: إنما كان لكما ألا ترضيا قبل الرضى وقبل البيعة. وأما الآن فليس لكما غير ما رضيتما به، إلا أن تخرجا مما بويعت عليه بحدث، فإن كنت أحدثت حدثا فسموه لي. وأخرجتم أمكم عائشة، وتركتم نساءكم، فهذا أعظم الحدث منكم أرضى هذا لرسول الله أن تهتكوا سترا ضربه عليها، وتخرجوها منه؟ فقال طلحة: إنما جاءت للإصلاح.
قال علي: هي لعمر الله إلى من يصلح لها أمرها أحوج، أيها الشيخ أقبل النصح وارض بالتوبة مع العار. قبل أن يكون العار والنار.
التحام الحرب قال: وذكروا أنه بينما الناس وقوف إذ رمي رجل من أصحاب علي، فجئ به إلى علي، فقالوا: يا أمير المؤمنين، هذا أخونا قد قتل. فقال علي:
أعذروا إلى القوم (1). فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: إلى متى؟ قد والله أعذرنا وأعذرت إن كنت تريد الإعذار، والله لتأذنن لنا في لقاء القوم أو لننصرفن إلى متى تستهدف نحورنا للقتال والسلاح، يقتلوننا رجلا رجلا؟ فقال علي: قد والله أرانا أعذرنا. أين محمد ابني؟ فقال: هأنذا. فقال: أي بني، خذ الراية، فابتدر الحسن والحسين ليأخذاها، فأخرهما عنها، وكان علي يؤخرهما شفقة عليهما، فأخذ محمد الراية، ثم قام علي، فركب بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم دعا بدرع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلبسها، ثم قال:
احزموني، فحزم بعمامة أسفل من سرته، ثم خرج وكان عظيم البطن، فقال لابنه: تقدم وتضعضع الناس حين سمعوا به قد تحرك، فبينما هم كذلك إذ