فانصرف عنه، فأخبر عليا بقوله (1)، فقال علي: لو أتيت محمد بن مسلمة الأنصاري، فأتاه عمار، فقال له محمد: مرحبا بك يا أبا اليقظان على فرقة ما بيني وبينك، والله لولا ما في يدي من رسول الله صلى الله عليه وسلم لبايعت عليا، ولو أن الناس كلهم عليه لكنت معه، ولكنه يا عمار كان من النبي أمر ذهب فيه الرأي، فقال عمار: كيف؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيت المسلمين يقتتلون أو إذا رأيت أهل الصلاة. فقال عمار: فإن كان قال لك: إذا رأيت المسلمين فوالله لا ترى مسلمين يقتتلان بسيفيهما أبدا، وإن كان قال لك: أهل الصلاة، فمن سمع هذا معك، إنما أنت أحد الشاهدين، فتريد من رسول الله قولا بعد قوله يوم حجة الوداع: دماؤكم وأموالكم عليكم حرام إلا بحدث، فتقول: يا محمد، لا نقاتل المحدثين. قال:
حسبك يا أبا اليقظان. قال: ثم أتى سعد بن أبي وقاص فكلمه، فأظهر الكلام القبيح، فانصرف عمار إلى علي، فقال له علي: دع هؤلاء الرهط، أما ابن عمر فضعيف، وأما سعد فحسود، وذنبي إلى محمد بن مسلمة أني قتلت أخاه يوم خيبر، مرحب اليهودي.
هروب مروان بن الحكم من المدينة المنورة قال: وذكروا أن مروان بن الحكم لما بويع علي هرب من المدينة، فلحق بعائشة بمكة. فقالت له عائشة: ما وراءك؟ فقال مروان: غلبنا على أنفسنا. فقال له رجل من أهل مكة (2): إياك وعليا فقد طلبك، ففر من بين يديه. فقال مروان:
لم؟ فوالله ما يجد إلي سبيلا. أما هو فقد علمت أنه لا يأخذني بظن، ولا ينصب إلا على اليقين، وأيم الله ما أبالي إذا قصر علي سيفه ما طال علي من لسانه. فقال الرجل: إذا أطال الله عليك لسانه طال سيفه. قال مروان: كلا إن اللسان أدب، والسيف حكم.