والحسين، أنت تعلم من هما، وإلى ما هما، وإنما علينا أن نقول: (سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) [البقرة: 285].
قدوم معاوية المدينة وما خاوض فيه العبادلة قال: قالوا: فاستخار الله معاوية، وأعرض عن ذكر البيعة، حتى قدم المدينة سنة خمسين (1)، فتلقاه الناس، فلما استقر في منزله أرسل إلى عبد الله بن عباس، و عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وإلى عبد الله بن عمر، وإلى عبد الله بن الزبير، وأمر حاجبه أن لا يأذن لأحد من الناس حتى يخرج هؤلاء النفر، فلما جلسوا تكلم معاوية، فقال: الحمد لله الذي أمرنا بحمده، ووعدنا عليه ثوابه، نحمده كثيرا، كما أنعم علينا كثيرا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله. أما بعد، فإني قد كبر سني، ووهن عظمي، وقرب أجلي، وأوشكت أن أدعى فأجيب، وقد رأيت أن أستخلف عليكم بعدي يزيد، ورأيته لكم رضا، وأنتم عبادلة قريش وخيارها، وأبناء خيارها، ولم يمنعني أن أحضر حسنا وحسينا إلا أنهما أولاد أبيهما علي على حسن رأيي فيهما، وشديد محبتي لهما، فردوا على أمير المؤمنين خيرا رحمكم الله.
ما تكلم به عبد الله بن عباس قال: فتكلم عبد الله بن عباس، فقال: الحمد لله الذي ألهمنا أن نحمده، واستوجب علينا الشكر على آلائه، وحسن بلائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وصلى الله على محمد وآل محمد. أما بعد، فإنك قد تكلمت فأنصتنا، وقلت فسمعنا، وإن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه، اختار محمدا صلى الله عليه وسلم لرسالته، واختاره لوحيه، وشرفه على خلقه، فأشرف الناس من تشرف به، وأولاهم بالأمر أخصهم به، وإنما على الأمة التسليم لنبيها، إذ اختاره الله لها، فإنه إنما اختار محمدا بعلمه، وهو العليم الخبير، وأستغفر الله لي ولكم.