بالشك، فوالله ما نفعه حقي، ولا ضرني باطله، وهو مقتول غدا في الرعيل الأول. قال: ثم خرج علي على بغلة رسول الله الشهباء بين الصفين، وهو حاصر، فقال: أين الزبير؟ فخرج إليه، حتى إذا كانا بين الصفين اعتنق كل واحد منهما صاحبه وبكيا، ثم قال علي: يا عبد الله ما جاء بك هاهنا؟ قال:
جئت أطلب دم عثمان. قال علي: تطلب دم عثمان، قتل الله من قتل عثمان، أنشدك الله يا زبير، هل تعلم أنك مررت بي وأنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو متكئ على يدك فسلم علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وضحك إلي، ثم التفت إليك، فقال لك: يا زبير، إنك تقاتل عليا وأنت له ظالم؟ قال: اللهم نعم (1). قال علي: فعلام تقاتلني؟ قال الزبير: نسيتها والله، ولو ذكرتها ما خرجت إليك، ولا قاتلتك فانصرف علي إلى أصحابه، فقالوا: يا أمير المؤمنين مررت إلى رجل في سلاحه وأنت حاسر، قال علي:
أتدرون من الرجل؟ قالوا: لا. قال: ذلك الزبير ابن صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما إنه قد أعطى الله عهدا أنه لا يقاتلكم، إني ذكرت له حديثا قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لو ذكرته ما أتيتك.
فقالوا: الحمد لله يا أمير المؤمنين، ما كنا نخشى في هذا الحرب غيره. ولا نتقي سواه. إنه لفارس رسول الله صلى الله عليه وسلم وحواريه، ومن عرفت شجاعته وبأسه ومعرفته بالحرب، فإذا قد كفاناه الله فلا نعد من سواه إلا صرعى حول الهودج.
رجوع الزبير عن الحرب قال: وذكروا أن الزبير دخل على عائشة (2)، فقال: يا أماه، ما شهدت موطنا قط في الشرك ولا في الإسلام إلا ولي فيه رأي وبصيرة غير هذا الموطن، فإنه لا رأي لي فيه، ولا بصيرة، وإني لعلى باطل. قالت عائشة: يا أبا عبد الله، خفت سيوف بني عبد المطلب؟ فقال: أما والله إن سيوف بني عبد المطلب