وحيدا منفردا، وهم في أهل الأرض إن (1) باليت بهم أو استوحشت منهم، إني في ضلالهم الذي هم فيه، والهدى الذي أنا عليه، لعلى بصيرة ويقين وبينة من ربي، وإني للقاء ربي لمشتاق ولحسن ثوابه لمنتظر راج، ولكن أسفا يعتريني، وجزعا يريبني من أن يلي هذه الأمة سفهاؤها وفجارها، فيتخذون مال الله دولا (2)، وعباد الله خولا (3)، والصالحين حربا، والقاسطين (4) حزبا، وأيم الله لولا ذلك ما أكثرت تأليبكم (5) وجمعكم، وتحريضكم، ولتركتكم، فوالله إني لعلى الحق، وإني للشهادة لمحب، أنا نافر بكم إن شاء الله، فانفروا خفافا وثقالا، وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله، إن الله مع الصابرين.
مقتل علي عليه السلام قال المدائني: حج ناس من الخوارج سنة تسع وثلاثين، وقد اختلف عامل علي وعامل معاوية، فاصطلح الناس على شبيب بن عثمان (6)، فلما انقضى الموسم أقام النفر من الخوارج مجاورين بمكة، فقالوا: كان هذا البيت معظما في الجاهلية، جليل الشأن في الإسلام، وقد انتهك هؤلاء حرمته، فلو أن قوما شروا أنفسهم فقتلوا هذين الرجلين اللذين قد أفسدا في الأرض، واستحلا حرمة هذا البيت، استراحت الأمة، واختار الناس لهم إماما. فقال عبد الرحمن بن ملجم المرادي لعنه الله: أنا أكفيكم أمر علي. وقال الحجاج (7) بن عبد الله الصريمي، وهو البرك: أنا أقتل معاوية. فقال أذويه (8) مولى بني العنبر، واسمه