قتل عمار بن ياسر قال: فلما رد علي على عمار أنه كاره للقضية، وأنه ليس من رأيه، نادى عمار: أيها الناس هل من رائح إلى الجنة، فخرج إليه خمس مئة رجل، منهم أبو الهيثم وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، فاستسقى عمار الماء، فأتاه غلام له بإداوة فيها لبن، فلما رآه كبر وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " آخر زادك من الدنيا لبن " (1)، ثم قال عمار: اليوم ألقى الأحبة: محمدا وحزبه. ثم حمل عمار وأصحابه، فالتقى عليه رجلان فقتلاه (2)، وأقبلا برأسه إلى معاوية يتنازعان فيه، كل يقول أنا قتلته، فقال لهما عمرو بن العاص: والله إن تتنازعان إلا في النار، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " تقتل عمارا الفئة الباغية " (3) فقال معاوية: قبحك الله من شيخ! فما تزال تتزلق في قولك، أو نحن قتلناه؟ إنما قتله الذين جاؤوا به، ثم التفت إلى أهل الشام فقال:
إنما نحن الفئة الباغية؟ التي تبغي دم عثمان. فلما قتل عمار اختلط الناس، حتى ترك أهل الرايات مراكزهم، وأقحم أهل الشام، وذلك من آخر النهار، وتفرق الناس عن علي، فقال عدي بن حاتم: والله يا أمير المؤمنين ما أبقت هذه الوقعة لنا ولا لهم عميدا، فقاتل حتى يفتح الله تعالى لك، فإن فينا بقية، فقال علي: يا عدي، قتل عمار بن ياسر؟ قال: نعم، فبكى علي وقال: رحمك الله يا عمار، استوجب الحياة والرزق الكريم، كم تريدون أن يعيش عمار، وقد نيف على التسعين؟ (4).
هزيمة أهل الشام ثم أقبل الأشتر جريحا، فقال: يا أمير المؤمنين، خيل كخيل، ورجال كرجال، ولنا الفضل إلى ساعتنا هذه، فعد مكانك الذي كنت فيه، فإن الناس