فلحق بالخوارج، فقتل يوم النهروان. قال قبيصة: فرأيته يوم النهروان قتيلا، قد وطأت الخيل وجهه، وشدخت رأسه، ومثلث به، فذكرت قول علي: وقلت لله در أبي الحسن! ما حرك شفتيه قط بشئ إلا كان كذلك.
إجماع على الذهاب إلى صفين فأجمع علي والناس على المسير إلى صفين، وتجهز معاوية حتى نزل صفين، فلما خرج علي بالناس عبر الجسر، ثم مضى حتى نزل دير أبي موسى، على شاطئ الفرات، ثم أخذ على الأنبار. وإن الخارجة التي خرجت على علي بينما هم يسيرون، فإذا هم برجل يسوق امرأته على حمار له، فعبروا إليه الفرات، فقالوا له: من أنت؟ قال: أنا رجل مؤمن، قالوا: فما تقول في علي بن أبي طالب؟ قال: أقول: إنه أمير المؤمنين، وأول المسلمين إيمانا بالله ورسوله.
قالوا: فما اسمك؟ قال: أنا عبد الله بن خباب بن الأرت، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا له: أفزعناك؟ قال: نعم، قالوا: لا روع عليك، حدثنا عن أبيك بحديث سمعه من رسول الله، لعل الله أن ينفعنا به، قال: نعم، حدثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ستكون فتنة بعدي، يموت فيها قلب الرجل كما يموت بدنه، يمسي مؤمنا، ويصبح كافرا. فقالوا: لهذا الحديث سألناك، والله لنقتلنك قتلة ما قتلناها أحدا، فأخذوه وكتفوه، ثم أقبلوا به وبامرأته وهي حبلى متم (1)، حتى نزلوا تحت نخل، فسقطت رطبة منها، فأخذها بعضهم فقذفها في فيه، فقال له أحدهم بغير حل، أو بغير ثمن أكلتها، فألقاها من فيه، ثم اخترط بعضهم سيفه فضرب به خنزيرا لأهل الذمة، فقتله، قال له بعض أصحابه: إن هذا من الفساد في الأرض، فلقي الرجل صاحب الخنزير فأرضاه من خنزيره، فلما رأى منهم عبد الله بن خباب ذلك، قال: لئن كنتم صادقين فيما أرى، ما علي منكم بأس، ووالله ما أحدثت حدثا في الإسلام، وإني لمؤمن، وقد أمنتموني، وقلتم لا روع عليك فجاؤوا به وبامرأته، فأضجعوه على شفير النهر، على ذلك الخنزير، فذبحوه فسال دمه في الماء (2)، ثم أقبلوا إلى امرأته، فقالت: إنما أنا امرأة، أما تتقون الله؟ قال: فبقروا