زايلت، ثم اقض بعقلك دون هواك. قال وإن مصقلة مضى إلى معاوية بالكتاب، فأقرأه إياه، فقال معاوية: يا مصقلة إنك عندي غير ظنين، فإذا أتاك شئ فاستره عني، فانصرف مصقلة إلى منزله، فدعا الرسول فقال: يا أخا بكر، إنما هربت بنفسي من علي، ولا والله ما يطول لساني بغيبته (1)، ولا قلت فيه قط حرفا بسوء، اذهب بكتابي هذا إلى قومي.
جواب مصقلة إلى قومه قال: وذكروا أن مصقلة كتب إلى قومه: أما بعد، فقد جاءني كتابكم (2)، وإني أخبركم أنه من لم ينفعه القليل لم ينفعه الكثير، وقد علمتم الأمر الذي قطعني من علي، وأضافني إلى معاوية، وقد علمت أني لو رجعت إلى علي وإليكم لكان ذنبي مغفورا، ولكني أذنبت إلى علي، وصحبت معاوية، فلو رجعت إلى علي أحدثت عيبا، وأحييت عارا، وكنت بين لائمين (3)، أولهما خيانة، وآخرهما غدر، ولكني أقيم بالشام، فإن غلب معاوية فداري العراق، وإن غلي علي فداري أرض الروم. فأما الهوى فإليكم طائر، وكانت فرقتي عليا على بعض العذر أحب إلي من فرقتي معاوية ولا عذر لي. ثم قال للرسول:
يا بن أخي، استعرض الناس (4) عن قولي في علي. فقال: قد سألت، فقالوا خيرا. قال: فإني والله عليه حتى أموت. فرجع الرسول بالكتاب، فأقرأه عليا، فقال: كفوا عن صاحبكم، فليس براجع حتى يموت. فقال حصين: أما والله ما به إلا الحياء.
لحوق عبد الله بن عامر بالشام قال: وذكروا أن عبد الله بن عامر لحق بالشام، ولم يأت معاوية، وخاف يوما كيوم الجمل، فبعث إليه معاوية أن يأتيه، وألح عليه. فكتب ابن عامر، أما بعد: فإني أخبرك أني أقحمت طلحة والزبير إلى البصرة، وأنا أقول إذا رأى