تكلم ابن الكواء فقال: يا أمير المؤمنين، إنك أجبت الله وأجبناك، ولكنا نقول:
الله بيننا وبينك، إن كنت تخشى من أبي موسى عجزا فشر من أرسلت الخائن العاجز، ولست تحتاج من عقله إلا إلى حرف واحد، أن لا يجعل حقك لغيرك، فيدرك حاجته منك. ثم قال لأبي موسى: إعلم أن معاوية طليق الإسلام، وأن أباه رأس الأحزاب، وأنه ادعى الخلافة من غير مشورة، فإن صدقك فقد حل خلعه، وإن كذبك فقد حرم عليك كلامه، وإن ادعى أن عمر وعثمان استعملاه، فلقد صدق، استعمله عمر وهو الوالي عليه بمنزلة الطبيب من المريض، يحميه ما يشتهي، ويوجره ما يكره، ثم استعمله عثمان برأي عمر وما أكثر من استعملا ممن لم يدع الخلافة، واعلم أن لعمرو مع كل شئ يسرك خبرا يسوؤك، ومهما نسيت فلا تنس أن عليا بايعه الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان، وأنها بيعة هدي، وأنه لم يقاتل إلا عاصيا أو ناكثا. فقال أبو موسى: رحمك الله، أما والله ما لي إمام غير علي، وإني لواقف عندما رأى، ولرضاء الله تعالى أحب إلي من رضاء الناس، وما أنا وأنت إلا بالله تعالى (1).
ما قال أهل الشام لأهل العراق قال: وذكروا أن أهل الشام قالوا لأهل العراق: أعطونا رجالا نسميهم لكم، يكونوا شهودا على ما يقوله صاحبنا وصاحبكم، بيننا وبينكم صحيفة، فقال علي: سموا من أحببتم، فسموا ابن عباس، والأشعث بن قيس، وزياد بن كعب، وشريح بن هانئ، وعدي بن حاتم، وحجر بن عدي، و عبد الله بن الطفيل، وسفيان بن ثور، وعروة بن عامر، و عبد الله بن حجر، وخالد بن معمر، وطلب أهل العراق من أهل الشام: عتبة بن أبي سفيان، و عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، ويزيد بن أسيد، وأبا الأعور، والحصين بن نمير، وحمزة بن مالك، وبسر بن أرطاة، والنعمان بن بشير، ومخارق بن الحارث.