جوابه فكتب إليه أبو موسى: أما بعد، فإنه لم يكن مني في علي إلا ما كان من عمرو فيك، غير أني أردت بما صنعت وجه الله، وأراد عمرو بما صنع ما عندك، وقد كان بيني وبينه شروط (1) عن تراض، فلما رجع عمرو رجعت، وأما قولك:
إن الحكمين إذا حكما على أمر فليس للمحكوم عليه أن يكون بالخيار، إنما ذاك في الشاة والبعير (2)، وأما في أمر هذه الأمة فليست تساق إلى ما تكره، ولن تذهب بين عجز عاجز، ولا كيد كائد، ولا خديعة فاجر، وأما دعاؤك إياي إلى الشام، فليس لي بدل ولا إيثار عن قبر ابن إبراهيم أبي الأنبياء.
كتاب علي إلى أبي موسى قال: وذكروا أنه لما بلغ عليا كتاب أبي موسى رق له، وأحب أن يضمه إليه، فكتب إليه: أما بعد، فإنك امرؤ ضللك الهوى (3)، واستدرجك الغرور، فاستقل الله يقلك عثرتك، فإنه من استقال الله أقاله، إن الله يغفر ولا يغير (4)، وأحب عباده إليه المتقون (5)، والسلام.
فلما انتهى كتاب علي إلى أبي موسى هم أن يرجع، ثم قال لأصحابه: إني امرؤ غلب علي الحياء، ولا يستطيع هذا الأمر رجل فيه حياء.
جوابه فكتب أبو موسى إلى علي: أما بعد، فلولا أني خشيت أن يؤول منع الجواب إلى أعظم مما في نفسك لم أجبك، لأنه ليس عذر ينفعني، ولا عذر (6) يمنعني منك، وأما التزامي مكة، فإني امتنسرت إلى أهل الشام، وانقطعت من