يتخوف خلافه على الناس وفراقه. وإنما قالوا له: هذا الذي كان معاوية يصنعه بمن أتاه، وإنما عامة الناس همهم الدنيا، ولها يسعون، وفيها يكدحون. فاعط هؤلاء الأشراف، فإذا استقام لك ما تريد عدت إلى أحسن ما كنت عليه من القسم، فقال علي: أتأمروني أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه من الإسلام؟ فوالله لا أفعل ذلك ما لاح في السماء نجم، والله لو كان لهم مال لسويت بينهم، فكيف وإنما هي أموالكم. فقال رجل: يا أمير المؤمنين إن الموت نازل لا بد منه، فإن حل فمن صاحبنا؟ فقال علي: أحدثك عن خاصة نفسي، أما الحسن فصاحب خوان (1)، وفتى من الفتيان، ولو قد التقت حلقتا البطان لم يغن عنكم في الحرب حثالة عصفور. وأما ابن أخي عبد الله بن جعفر فصاحب لهو. وأما الحسين ومحمد ابناي فأنا منهما وهما مني، والله لقد أحببت أن يدال هؤلاء القوم عليكم، بإصلاحهم في أرضهم، وفسادكم في أرضكم، وأدائهم الأمانة لمعاوية، وخيانتكم، وبطاعتهم له، ومعصيتكم لي، واجتماعهم على باطلهم، تفرقكم عن حقكم، وأيم الله لا يدعون بعدي محرما إلا استحلوه، ولا يبقى بيت وبر ولا مدر إلا أدخلوه ظلمهم، حتى يقوم الباكيان منكم، باك لدينه، وباك لدنياه، وحتى تكون نصرة أحدكم كنصرة العبد لسيده، إذا شهد أطاعه، وإذا غاب سبه. فقال رجل: يا أمير المؤمنين، أتظن ذلك كائنا؟
قال: ما هو بالظن ولكنه اليقين.
ما كتب علي لأهل العراق قال: فقام حجر بن عدي، وعمرو بن الحمق، وعبد الله بن وهب الراسبي، فدخلوا على علي، فسألوه عن أبي بكر وعمر: ما تقول فيهما؟ وقالوا:
بين لنا قولك فيهما وفي عثمان. قال علي كرم الله وجهه: وقد تفرغتم لهذا؟
وهذه مصر قد افتتحت، وشيعتي فيها قد قتلت؟ إني مخرج إليكم كتابا أنبئكم فيه ما سألتموني عنه، فاقرأوه على شيعتي، فأخرج إليهم كتابا فيه: أما بعد، فإن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم نذيرا للعالمين، وأمينا على التنزيل، وشهيدا على هذه الأمة، وأنتم يا معشر العرب على غير دين، وفي شر