وأقبل ابن أبي حذيفة من مصر في أربع مئة رجل، فأقام أهل الكوفة وأهل مصر بباب عثمان ليلا ونهارا، وطلحة يحرض الفريقين جميعا على عثمان. ثم إن طلحة قال لهم: إن عثمان لا يبالي ما حصرتموه؟ وهو يدخل إليه الطعام والشراب فامنعوه الماء أن يدخل عليه.
مخاطبة عثمان من أعلى القصر طلحة وأهل الكوفة وغيرهم قال: وذكروا أن عثمان لما منع الماء صعد على القصر، واستوى في أعلاه ثم نادى: أين طلحة؟ فأتاه، فقال: يا طلحة، أما تعلم أن بئر رومة (1) كانت لفلان اليهودي، لا يسقي أحدا من الناس منها قطرة إلا بثمن، فاشتريتها بأربعين ألفا، فجعلت رشائي (2) فيها كرشاء رجل من المسلمين، استأثر عليهم؟ قال:
نعم. قال: فهل تعلم أن أحدا يمنع أن يشرب منها اليوم غيري؟ لم ذلك؟ قال:
لأنك بدلت وغيرت. قال: فهل تعلم أن رسول الله قال: من اشترى هذا البيت وزاده في المسجد فله به الجنة، فاشتريته بعشرين ألفا، وأدخلته في المسجد؟
قال طلحة: نعم. قال: فهل تعلم اليوم أحدا يمنع فيه من الصلاة غيري؟ قال:
لا. قال: لم؟ قال: لأنك غيرت وبدلت. ثم انصرف عثمان وبعث إلى علي يخبره أنه منع من الماء، ويستغيث به، فبعث إليه علي ثلاث قرب مملوءة ماء، فما كادت تصل إليه، فقال طلحة: ما أنت وهذا؟ وكان بينهما في ذلك كلام شديد، فبينما هم كذلك إذ أتاهم آت فقال لهم: إن معاوية قد بعث من الشام يزيد بن أسيد مددا لعثمان، في أربعة آلاف من خيل الشام (3)، فاصنعوا ما أنتم صانعون، وإلا فانصرفوا وكان معه في الدار مئة رجل ينصرونه منهم عبد الله بن الزبير، ومروان بن الحكم، والحسن بن علي، و عبد الله بن سلام (4)، وأبو هريرة،