يزيد غائبا، واستخلف معاوية الضحاك بن قيس بعده، حتى يقدم يزيد، فلما مات معاوية خرج الضحاك على الناس، فقال: لا يحملن اليوم نعش أمير المؤمنين إلا قرشي. قال: فحملته قريش ساعة. ثم قال أهل الشام: أصلح الله الأمير. اجعل لنا من أمير المؤمنين نصيبا في موته، كما كان لنا في حياته. قال:
فاحملوه، فحملوه وازدحموا عليه، حتى شقوا البرد الذي كان عليه صدعين.
قال: فلما قدم يزيد دمشق بعد موت أبيه إلى عشرة أيام (1)، كتب إلى خالد بن الحكم (2)، وهو عامل المدينة (3): أما بعد، فإن معاوية بن أبي سفيان، كان عبدا استخلفه الله على العباد، ومكن له في البلاد وكان من حادث قضاء الله جل ثناؤه، وتقدست أسماؤه فيه، ما سبق في الأولين والآخرين لم يدفع عنه ملك مقرب، ولا نبي مرسل، فعاش حميدا، ومات سعيدا، وقد قلدنا الله عز وجل ما كان إليه، فيا لها مصيبة ما أجلها، ونعمة ما أعظمها، نقل الخلافة، وفقد الخليفة، فنستوزعه الشكر، ونستلهمه الحمد، ونسأله الخيرة في الدارين معا، ومحمود العقبى في الآخرة والأولى، إنه ولي ذلك، وكل شئ بيده لا شريك له، وإن أهل المدينة قومنا ورجالنا، ومن لم نزل على حسن الرأي فيهم، والاستعداد بهم، واتباع أثر الخليفة فيهم، والاحتذاء على مثاله لديهم، من الاقبال عليهم، والتقبل من محسنهم، والتجاوز عن مسيئهم، فبايع لنا قومنا، ومن قبلك من رجالنا، بيعة منشرحة بها صدوركم، طيبة عليها أنفسكم، وليكن أول من يبايعك من قومنا وأهلنا (4): الحسين، و عبد الله بن عمر، و عبد الله بن عباس، و عبد الله بن الزبير، و عبد الله بن جعفر، ويحلفون على ذلك بجميع الإيمان اللازمة، ويحلفون بصدقة أموالهم غير عشرها، وجزية رقيقهم، وطلاق