كل يوم، فشق ذلك على معاوية، ثم بدا له أن يأخذ بما أشار عليه المغيرة بن شعبة.
ما حاول معاوية في بيعة يزيد قال: فلما اجتمعت عند معاوية وفود الأمصار بدمشق، وفيهم الأحنف بن قيس، دعا معاوية الضحاك بن قيس الفهري، فقال له: إذا جلست على المنبر، وفرغت من بعض موعظتي وكلامي، فاستأذني للقيام، فإذا أذنت لك، فأحمد الله تعالى، واذكر يزيد، قل فيه الذي يحق له عليك، من حسن الثناء عليه، ثم ادعني إلى توليته من بعدي فإني قد رأيت وأجمعت على توليته، فأسأل الله في ذلك، وفي غيره الخيرة وحسن القضاء. ثم دعا عبد الرحمن بن عثمان الثقفي وعبد الله بن مسعدة الفزاري، وثور بن معن السلمي، وعبد الله بن عصام (1) الأشعري، فأمرهم أن يقوموا إذا فرغ الضحاك وأن يصدقوا قوله، ويدعوه إلى بيعة يزيد (2).
ما تكلم به الضحاك بن قيس قال: فلما جلس معاوية على المنبر، وفرغ من بعض موعظته، وهؤلاء النفر في المجلس قد قعدوا للكلام، قام الضحاك بن قيس، فاستأذن في الكلام، فأذن له، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أصلح الله أمير المؤمنين، وأمتع به، إنا قد بلونا الجماعة والألفة، والاختلاف والفرقة فوجدناها ألم لشعثنا، وأمنة لسبلنا، وحاقنة لدمائنا، وعائدة علينا في عاجل ما نرجو وآجل ما نؤمل. مع ما ترجو به الجماعة من الألفة، ولا خير لنا أن نترك سدى، والأيام عوج رواجع، والله يقول: (كل يوم هو في شأن) [الرحمن: 29]، ولسنا ندري ما يختلف به العصران (3)، وأنت يا أمير المؤمنين ميت كما مات من كان قبلك من أنبياء الله وخلفائه، نسأل الله تعالى بك المتاع، وقد رأينا من دعة يزيد ابن أمير المؤمنين،