من أهل العراق وأهل الشام ضامنون بالوفاء إلى هذه المدة، فكتب أهل العراق بهذا كتابا لأهل الشام (1)، وكتب أهل الشام كتابا بهذا لأهل العراق، بخط عمرو ابن عبادة (2) كاتب معاوية، وشهد شهود أهل الشام على أهل العراق، وشهد شهود أهل العراق على أهل الشام (3).
فلما كتب الكتابان أقبل رجل من بني يشكر، على فرس له أبلق، حتى وقف بين الصفين على علي، فقال: يا علي، أكفر بعد إسلام، ونقض بعد توكيد، وردة بعد معرفة؟ أنا من صحيفتيكما برئ، وممن أقر بها برئ، ثم حمل على أصحاب معاوية، فطعن منهم، حتى إذا عطش أتى عسكر علي، فاستسقى فسقي، ثم حمل على عسكر علي، فطعن فيهم، حتى إذا عطش أتى عسكر معاوية، فاستسقى فسقي.
ما وصى به شريح بن هانئ أبا موسى (4) قال: وذكروا أن شريح بن هانئ أخذ بيد أبي موسى فقال: يا أبا موسى إنك قد نصبت لأمر عظيم لا يجبر صدعه، ولا تستقال فلتته (5)، ومهما تقل من شئ لك أو عليك يثبت حقه، ويزيل باطله، إنه لا بقاء لأهل العراق إن ملكها معاوية، ولا بأس بأهل الشام إن ملكها علي، فانظر في ذلك من يعرف هذا الأمر حقا.