كما ذكرت، ففرق بيننا وبينكم أن الله بعث رسوله منا، فآمنا به وكفرتم، ثم زعمت أني قتلت طلحة والزبير، فذلك أمر غبت عنه ولم تحضره، ولو حضرته لعلمته، فلا عليك، ولا العذر فيه إليك، وزعمت أنك زائري في المهاجرين، وقد انقطعت الهجرة حين أسر أخوك (1)، فإن يك فيك عجل فاسترفه (2) وإن أزرك فجدير أن يكون الله بعثني عليك للنقمة منك، والسلام.
قدوم عقيل بن أبي طالب على معاوية قال: وذكروا أن عقيل بن أبي طالب قدم على أخيه علي بالكوفة، فقال له علي: مرحبا بك وأهلا. ما أقدمك يا أخي؟ قال تأخر العطاء عنا، وغلاء السعر ببلدنا، وركبني دين عظيم، فجئت لتصلني. فقال علي: والله ما لي مما ترى شيئا إلا عطائي، فإذا خرج فهو لك. فقال عقيل: وإنما شخوصي من الحجاز إليك من أجل عطائك؟ وماذا يبلغ مني عطاؤك؟ وما يدفع من حاجتي؟ فقال علي: فمه! هل تعلم لي ما لا غيره؟ أم تريد أن يحرقني الله في نار جهنم في صلتك بأموال المسلمين؟ فقال عقيل: والله لأخرجن إلى رجل هو أوصل لي منك: " يريد معاوية "، فقال له علي: راشدا مهديا. فخرج عقيل! حتى أتى معاوية. فلما قدم عليه، قال له معاوية: مرحبا وأهلا بك يا بن أبي طالب، ما أقدمك علي؟ فقال: قدمت عليك لدين عظيم ركبني، فخرجت إلى أخي ليصلني، فزعم أنه ليس له مما يلي إلا عطاؤه، فلم يقع ذلك مني موقعا، ولم يسد مني مسدا فأخبرته أني سأخرج إلى رجل هو أوصل منه لي، فجئتك.
فازداد معاوية فيه رغبة، وقال: يا أهل الشام هذا سيد قريش، وابن سيدها، عرف الذي فيه أخوه من الغواية والضلالة، فأثاب إلى أهل الدعاء إلى الحق، ولكني أزعم أن جميع ما تحت يدي لي، فما أعطيت فقربة إلى الله، وما أمسكت فلا جناح علي فيه فأغضب كلامه عقيلا لما سمعه ينتقص أخاه، فقال:
صدقت خرجت من عند أخي على هذا القول، وقد عرفت من في عسكره، لم أفقد والله رجلا من المهاجرين والأنصار، ولا والله ما رأيت في عسكر معاوية رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. فقال معاوية عند ذلك: يا