بطنها، وقتلوا ثلاثة نسوة، فيهم أم سنان قد صحبت النبي عليه الصلاة والسلام.
فبلغ عليا خبرهم، فبعث إليهم الحارث بن مرة، لينظر فيما بلغه من قتل عبد الله بن خباب والنسوة، ويكتب إليه بالأمر، فلما انتهى إليهم ليسائلهم، خرجوا إليه فقتلوه، فقال الناس: يا أمير المؤمنين، تدع هؤلاء القوم وراءنا يخلفوننا في عيالنا وأموالنا، سر بنا إليهم، فإذا فرغنا منهم نهضنا إلى عدونا من أهل الشام.
مسير علي إلى الخوارج وما قال لهم قال: فسار علي ومن معه حتى نزلوا المدائن، ثم خرج حتى أتى النهروان فبعث إليهم: أن ادفعوا إلينا قتلة إخواننا منكم نقتلهم بهم، ثم أنا أفارقكم، وأكف عنكم، حتى ألقى أهل الشام، فبعثوا إليه: إنا كلنا قتلناهم، وكلنا مستحل لدمائكم ودمائهم. ثم أتاهم علي، فوقف عليهم، فقال (1): أيتها العصابة، إني نذير لكم أن تصبحوا تلعنكم الأمة غدا، وأنتم صرعى بإزاء هذا النهر، بغير برهان، ولا سنة، ألم تعلموا أني نهيتكم عن الحكومة، وأخبرتكم أن طلب القوم لها مكيدة، وأنبأتكم أن القوم ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، وإني أعرف بهم منكم، قد عرفتهم أطفالا، وعرفتهم رجالا، فهم شر رجال، وشر أطفال، وهم أهل المكر والغدر، وإنكم إن فارقتموني ورأيي، جانبتم الخير والحزم، فعصيتموني وأكرهتموني، حتى حكمت، فلما أن فعلت شرطت واستوثقت، وأخذت على الحكمين أن يحييا ما أحيا القرآن، وأن يميتا ما أمات القرآن، فاختلفا، وخالفا حكم الكتاب والسنة، وعملا بالهوى، فنبذا أمرهم، ونحن على أمرنا الأول، فما نبؤكم ومن أين أتيتم؟ قالوا له: إنا حيث حكمنا الرجلين أخطأنا بذلك، وكنا كافرين، وقد تبنا من ذلك، فإن شهدت على نفسك بالكفر، وتبت كما تبنا وأشهدنا، فنحن معك ومنك، وإلا فاعتزلنا، وإن أبيت فنحن منابذوك على سواء. فقال علي: أبعد إيماني بالله، وهجرتي وجهادي مع رسول الله، أبوء وأشهد على نفسي بالكفر؟ لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين.
ويحكم! بم استحللتم قتالنا، والخروج من جماعتنا؟ أأن اختار الناس رجلين، فقالوا لهما: انظرا بالحق فيما يصلح العامة ليعزل رجل، ويوضع آخر مكانه.