براز عمرو بن العاص لعلي قال: وذكروا أن عمرا قال لمعاوية: أتجبن عن علي، وتتهمني في نصيحتي إليك؟ والله لأبارزن عليا ولو مت ألف موتة في أول لقائه. فبارزه عمرو (1)، فطعنه علي فصرعه، فاتقاه بعورته فانصرف عنه علي، وولى بوجهه دونه. وكان علي رضي الله عنه لم ينظر قط إلى عورة أحد، حياء وتكرما، وتنزها عما لا يحل ولا يجمل بمثله، كرم الله وجهه.
قطع الميرة عن أهل الشام قال: وذكروا أن عليا دعا زجر بن قيس، فقال له: سر في بعض هذه الخيل إلى القطقطانة (2)، فاقطع الميرة عن معاوية، ولا تقتل إلا من يحل لك قتله، وضع السيف موضعه، فبلغ ذلك معاوية، فدعا الضحاك بن قيس، فأمره أن يلقى زحر بن قيس فيقاتله، فسار الضحاك فلقيه زحر فهزمه، وقتل من أصحابه، وقطع الميرة عن أهل الشام، ورجع الضحاك إلى معاوية منهزما، فجمع معاوية الناس، فقال: أتاني خبر من ناحية من نواحي، أمر شديد، فقالوا:
يا أمير المؤمنين، لسنا في شئ مما أتاك، إنما علينا السمع والطاعة، وبلغ عليا قول معاوية وقول أهل الشام، فأراد أن يعلم ما رأي أهل العراق، فجمعهم، فقال: أيها الناس إنه أتاني خبر من ناحية من نواحي. فقال ابن الكواء وأصحابه: إن لنا في كل أمر رأيا، فما أتاك فأطلعنا عليه، حتى نشير عليك.
فبكى علي، ثم قال: ظفر والله ابن هند باجتماع أهل الشام له، واختلافكم علي، والله ليغلبن باطله حقكم، إنما أتاني أن زحر بن قيس ظفر بالضحاك، وقطع الميرة، وأتى معاوية هزيمة صاحبه، فقال: يا أهل الشام، إنه أتاني أمر شديد، فقلدوه أمرهم، واختلفتم علي.
فقام قيس بن سعد، فقال: أما والله لنحن كنا أولى بالتسليم من أهل الشام.