ما قال الأحنف بن قيس ثم قام الأحنف بن قيس، فقال: يا أمير المؤمنين، إن الناس بين ماض وواقف، وقائل وساكت، وكل في موضعه حسن، وإنه لو نكل الآخر عن الأول لم يقل شيئا، إلا أن يقول اليوم ما قد قيل أمس، ولكنه حق يقضى، ولم نقاتل القوم لنا ولا لك، إنما قاتلناهم لله، فإن حال أمر الله دوننا ودونك فاقبله، فإنك أولى بالحق، وأحقنا بالتوفيق، ولا أرى إلا القتال.
ما قال عمير بن عطارد ثم قام عمير بن عطارد فقال: يا أمير المؤمنين، إن طلحة والزبير وعائشة كانوا أحب الناس إلى معاوية، وكانت البصرة أقرب إلينا من الشام، وكان القوم الذين وثبوا عليك من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، خيرا من الذين وثبوا عليك من أصحاب معاوية اليوم، فوالله ما منعنا ذلك من قتل المحارب، وعيب الواقف، فقاتل القوم إنا معك.
ما قال علي رضي الله عنه بعده ثم قام علي خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إنه قد بلغ بكم (1) وبعدوكم ما قد رأيتم، ولم يبق منهم إلا آخر نفس، وإن الأمور إذا أقبلت اعتبر آخرها بأولها، وقد صبر لكم القوم على غير دين، حتى بلغوا منكم ما بلغوا (2)، وأنا غاد عليهم بنفسي بالغداة فأحاكمهم بسيفي هذا إلى الله.
نداء أهل الشام واستغاثتهم عليا رضي الله عنه قال: فلما بلغ معاوية قول علي دعا عمرو بن العاص، فقال له: يا عمرو إنما هي الليلة، حتى يغدو علينا علي بنفسه (3)، فما ترى؟ قال عمرو: إن رجالك لا يقومون لرجاله، ولست مثله، أنت تقاتله على أمر، ويقاتلك على غيره، وأنت