كنا عليه أمس، ولست أدري كيف يكون غدا. وما القوم الذين كلموك بأحمد لأهل العراق مني، ولا بأوتر لأهل الشام مني، فأجب القوم إلى كتاب الله، فإنك أحق به منهم، وقد أحب الله البقيا (1).
ما قال عبد الرحمن بن الحارث ثم قام عبد الرحمن بن الحارث، فقال: يا أمير المؤمنين، امض لأمر الله، ولا يستخفنك الذين لا يوقنون. أحكم بعد حكم؟ وأمر بعد أمر؟ مضت دماؤنا ودماؤهم، ومضى حكم الله علينا وعليهم.
ما رآه علي كرم الله وجهه قال: فمال علي إلى قول الأشعث بن قيس وأهل اليمن، فأمر رجلا ينادي: إنا قد أجبنا معاوية إلى ما دعانا إليه، فأرسل معاوية إلى علي: إن كتاب الله لا ينطق، ولكن نبعث رجلا منا ورجلا منكم، فيحكمان بما فيه. فقال علي:
قد قبلت ذلك.
ما قال عمار بن ياسر فلما أظهر علي أنه قبل ذلك قام عمار بن ياسر فقال: يا أمير المؤمنين، أما والله لقد أخرجها إليك معاوية بيضاء، من أقر بها هلك، ومن أنكرها ملك، ما لك يا أبا الحسن؟ شككتنا في ديننا! ورددتنا على أعقابنا بعد مئة ألف قتلوا منا ومنهم؟ أفلا كان هذا قبل السيف؟ وقبل طلحة والزبير وعائشة، قد دعوك إلى ذلك فأبيت، وزعمت أنك أولى بالحق وأن من خالفنا منهم ضال حلال الدم، وقد حكم الله تعالى في هذا الحال ما قد سمعت، فإن كان القوم كفارا مشركين، فليس لنا أن نرفع السيف عنهم، حتى يفيئوا إلى أمر الله، وإن كانوا أهل فتنة فليس لنا أن نرفع السيف عنهم حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين كله لله، والله ما أسلموا، ولا أدوا الجزية، ولا فاءوا إلى أمر الله، ولا طفئت الفتنة، فقال علي: والله إني لهذا الأمر كاره.