جواب علي إلى معاوية قالوا: فكتب إليه علي: أما بعد، فقد جاءني منك كتاب امرئ ليس له بصر يهديه (1)، ولا قائد يرشده، دعاه الهوى فأجابه، وقاده فاستقاده. زعمت أنك إنما أفسد عليك بيعتي خطيئتي في عثمان، ولعمري ما كنت إلا رجلا من المهاجرين، أوردت كما أوردوا وأصدرت كما أصدروا، وما كان الله ليجمعهم على الضلال، ولا ليضربهم بالعمى، وما أمرت فيلزمني خطيئة عثمان، ولا قتلت فيلزمني قصاص القاتل. أما قولك إن أهل الشام هم الحكام على الناس، فهات رجلا من قريش الشام يقبل في شورى، أو تحل له الخلافة، فإن سميت كذبك المهاجرون والأنصار، وإلا أتيتك به من قريش الحجاز. وأما قولك ندفع إليك قتلة عثمان فما أنت وعثمان؟ (2) إنما أنت رجل من بني أمية، وبنو عثمان أولى بعثمان منك، فإن زعمت أنك أقوى على ذلك، فادخل في الطاعة، ثم حاكم القوم إلي. وأما تمييزك بين الشام والبصرة وذكرك طلحة والزبير، فلعمري ما الأمر إلا واحد، إنها بيعة عامة، لا ينثني عنها البصير، ولا يستأنف فيها الخيار، وأما ولوعك بي في أمر عثمان، فوالله ما قلت ذلك عن حق العيان ولا عن يقين الخبر، وأما فضلي في الإسلام، وقرابتي من رسول الله عليه الصلاة والسلام، وشرفي في قريش، فلعمري لو استطعت دفعه لدفعته (3).
قدوم عبيد الله بن عمر على معاوية قال: وذكروا أن عبيد الله بن عمر قدم على معاوية الشام، فسر به سرورا شديدا وسر به أهل الشام، وكان أشد قريش سرورا به عمرو بن العاص فقال معاوية لعمرو: ما منع عبد الله أن يكون كعبيد الله؟ فضحك عمرو، وقال: شبهت غير شبيه، إنما أتاك عبيد الله مخافة أن يقتله علي بقتله الهرمزان (4)، ورأى عبد الله