عثمان ما قد سلف من الصهر والعمل، ولست كأصحابك. أما الأشتر فقتل عثمان، وأما عدي فخصص، وأما سعد بن قيس فقلد عليا دينه، وأما شريح بن هانئ وزحر بن قيس فلا يعرفان غير الهوى، وأما أنت فحاميت عن أهل العراق تكرما، وحاربت أهل الشام حمية وقد والله بلغنا منك ما أردنا، وبلغت منا ما أردت، وإنا لا ندعوك إلى ما لا يكون منك من تركك عليا، ولا نصرة معاوية ولكنا ندعوك إلى البقية، التي فيها صلاحك وصلاحنا.
فتكلم الأشعث فقال: يا عتبة، أما قولك إن معاوية لا يلقى إلا عليا، فلو لقيني ما زاد ولا عظم في عيني، ولا صغرت عنه، ولئن أحب أن أجمع بينه وبين علي لأفعلن، وأما قولك: إني رأس أهل العراق وسيد أهل اليمن، فالرأس الأمير، والسيد المطاع، وهاتان لعلي، وأما ما سلف إلي من عثمان فوالله ما زادني صهره شرفا، ولا عمله غنى، وأما عيبك أصحابك، فإن هذا الأمر لا يقربك مني، وأما محاماتي عن العراق، فمن نزل بيننا حميناه، وأما البقية فلسنا بأحوج منها إليكم.
كتاب معاوية إلى علي رضي الله عنهما قال: وذكروا أن عليا أظهر أنه مصبح معاوية للقتال، فبلغ ذلك معاوية ففزع أهل الشام، فانكسروا لذلك، فقال معاوية لعمرو: إني قد رأيت رأيا، أن أعيد (1) إلى علي كتابا أسأله فيه الشام. فضحك عمرو، ثم قال: أين أنت يا معاوية من خدعة علي؟ فقال معاوية: ألسنا بني عبد مناف؟ فقال: بلى ولكن لهم النبوة دونكم، فإن شئت أن تكتب فاكتب معاوية إلى علي: أما بعد، فإني أظنك أن لو علمت أن الحرب تبلغ بنا وبك ما بلغت لم يجنها بعضنا على بعض، وإن كنا قد غلبنا على عقولنا، فلنا منها ما نذم به ما مضى، ونصلح ما بقي، وقد كنت سألتك (2) ألا يلزمني لك طاعة ولا بيعة، فأبيت ذلك علي، فأعطاني الله ما منعت، وإني أدعوك إلى ما دعوتك إليه أمس، فإنك لا ترجو من البقاء إلا ما أرجو، ولا تخاف من الفناء إلا ما أخاف. وقد والله رقت