جواب عبد الله بن عباس إلى عمرو بن العاص قال: وذكروا أنه لما انتهى كتاب عمرو إلى ابن عباس، أتى به إلى علي، فأقرأه إياه، فقال علي: قاتل الله ابن العاص، أجبه. فكتب إليه: أما بعد، فإني لا أعلم رجلا أقل حياء منك في العرب، إنك مال بك الهوى إلى معاوية، وبعته دينك بالثمن الأوكس، ثم خبطت الناس في عشواء، طمعا في هذا الملك، فلما ترامينا، أعظمت الحرب والرماء إعظام أهل الدين، وأظهرت فيها كراهية أهل الورع، لا تريد بذلك إلا تمهيد الحرب، وكسر أهل الدين، فإن كنت تريد الله فدع مصر، وارجع إلى بيتك، فإن هذه حرب ليس فيها معاوية كعلي، بدأها علي بالحق، وانتهى فيها إلى العذر، وبدأها معاوية بالبغي، وانتهى فيها إلى السرف، وليس أهل الشام فيها كأهل العراق، بايع أهل العراق عليا وهو خير منهم، وبايع أهل الشام معاوية وهم خير منه، ولست أنا وأنت فيها سواء، أردت الله، وأنت أردت مصر، وقد عرفت الشئ الذي باعدك مني، ولا أعرف الشئ الذي قربك من معاوية فإن ترد شرا لا تفتنا به، وإن ترد خيرا لا تسبقنا إليه.
أمر معاوية مروان بحرب الأشتر قال: وذكروا أن معاوية دعا مروان بن الحكم، فقال: يا مروان، إن الأشتر قد غمني، فاخرج بهذه الخيل، فقاتله بها غدا. فقال مروان: ادع لها عمرا، فإنه شعارك دون دثارك. قال معاوية: وأنت نفسي دون وزيري. قال مروان: لو كنت كذلك ألحقتني به في العطاء، وألحقته بي في الحرمان، ولكنك أعطيته ما في يدك، ومنيتني ما في يدي غيرك، فإن غلبت طاب المقام، وإن غلبت خف عليك المهرب. قال معاوية: يغني الله عنك، قال: أما اليوم فلا. فدعا معاوية عمرا، فأمره بأمره، فقال: أما والله لئن فعلت لقد قدمتني كافيا، وأدخلتني ناصحا، وقد غمك القوم في مصر، فإن كان لا يرضيهم إلا أخذها فخذها، عليها لعنة الله، أما والله يا أمير المؤمنين إن مروان يباعدك منا ويباعدنا منك، ويأبى الله إلا أن يقربنا إليك.