الأعرج: كان الناس لا يلبسون المصبوغ (1) من الثياب قبل الحرة، فلما قتل الناس بالحرة استحبوا أن يلبسوها وقالوا: لقد مكث النوح في الدور على أهل الحرة سنة لا يهدأون. وقال عبد الله بن أبي بكر كان أهل المدينة أعز الناس وأهيبهم، حتى كانت الحرة، فاجترأ الناس عليهم فهانوا. قال الزهري: بلغ القتلى يوم الحرة من قريش والأنصار، ومهاجرة العرب ووجوه الناس سبع مئة، وسائر الناس عشرة آلاف (2). من أخلاط الناس والموالي والعبيد، قال وأصيب نساء وصبيان وكان قدوم أهل الشام المدينة لثلاث بقين من ذي الحجة، سنة ثلاث وستين، انتهبوها ثلاثا حتى رأوا هلال المحرم، ثم أمسكوا بعد أن لم يبقوا أحدا به رمق، وقتل بها من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثمانون رجلا، ولم يبق بعد ذلك بدري.
وقالوا: قال عيسى بن طلحة: قلت لعبد الله بن مطيع: كيف نجوت يوم الحرة؟ قال: رأيت ما رأيت من غلبة أهل الشام، وصنع بني حارثة الذي صنعوا من إدخالهم علينا وولى الناس، فذكرت قول الحارث بن هشام يوم بدر (3).
وعلمت أنه لا يضر عدوي مشهدي ولا ينفع وليي، فتواريت، ثم لحقت با بن الزبير، وكنت أعجب كل العجب أن ابن الزبير لم يصلوا إليه ستة أشهر، ولم يكن معه إلا نفر يسير، قوم من قريش من الخوارج، وكان معنا يوم الحرة ألفا رجل، كلهم ذوو حفاظ، فما استطعنا أن نحبسهم يوما إلى آخر الليل.
تم الجزء الأول من كتاب الإمامة والسياسة ويليه الجزء الثاني